الاعتداءات الإسرائيلية تتخطّى الخطوط الحمراء… فهل يقع المحظور؟

21 يناير 2024
الاعتداءات الإسرائيلية تتخطّى الخطوط الحمراء… فهل يقع المحظور؟


يُنقل عن أوساط سياسية تميل في مواقفها إلى تبنّي ما يقوم به “حزب الله” جنوبًا لمساندة صمود الشعب الفلسطيني في غزة أنه لو لم يكن لـ “المقاومة الإسلامية” هذا الحضور الفاعل والمربك للعدو الإسرائيلي لما كان كل هذا الاهتمام الدولي بلبنان قد أبصر النور، وهو اهتمام يأخذ في الاعتبار ما لـ “حزب الله” من قدرات عسكرية قادرة على تغيير المسارات، مع مراهنة بعض الموفدين الدوليين على “الطريقة الحكيمة” التي لا تزال “حارة حريك” تتعاطى بها مع التطورات الجنوبية، انطلاقًا من حرصها على عدم إعطاء تل أبيب أي فرصة أو ذريعة لتوسيع الحرب، التي قد تشمل كل لبنان وبناه التحتية ومرافقه الحيوية. 

وفي رأي هذه الأوساط أن “حزب الله” الذي يختار أهدافه داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بدراية فائقة يدرك خطورة توسعة الحرب على لبنان، ولكن هذا لا يعني أن المدن الإسرائيلية ستكون في منأى عن الصواريخ البعيدة المدى والدقيقة، خصوصًا أن في هذه المدن مواقع استراتيجية معرّضة للقصف قد يكون ضرره أكثر قساوة مما يمكن أن يكون عليه الوضع في لبنان إذا ما قيست الأمور في موازين الربح والخسارة. وتشير هذه الأوساط إلى أن ما تشهده المساعي الدولية لتجنيب لبنان ما لا طاقة له على احتماله بسبب ظروفه الداخلية، اقتصاديًا واجتماعيًا، من حركة غير اعتيادية ليس حبًّا بلبنان فقط، بل خوفًا على ما يمكن أن يحدثه القصف الصاروخي من أضرار في المنشآت الإسرائيلية الحيوية، ومن بينها حقل ديامونا النووي، ومنصات حقل “كاريش” وغيرها من الأهداف الاستراتيجية، في الوقت الذي سيقتصر القصف الإسرائيلي على تدمير المنازل والمستشفيات والمدارس في لبنان، الذي يفتقد إلى منشآت حيوية واستراتيجية كتلك الموجودة في إسرائيل. من هنا يأتي ردّ “حزب الله”، كما تقول هذه الأوساط، الذي رفض المقترحات التي حملها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين وغيره من الموفدين، وهو سيرفض أي مقترح لا يأخذ في الاعتبار المعادلة الجديدة، التي أرستها “المقاومة الإسلامية” في استراتيجية موازين قوة الردع المدعومة بما تحققه المقاومة في فلسطين من وقفات صمود، وما يقوم به الحوثيون من عمليات في البحر الأحمر، وما تتعرّض له القواعد الأميركية في العراق وسوريا من هجمات موجعة. وتقول الأوساط ذاتها إن “حزب الله” ليس في موقف يمكن وصفه بالضعيف ليقبل بكل ما يُعرض عليه من طروحات واقتراحات، ومن بينها وأهمها بالطبع سحب عناصره من حيث هم متمركزون على طول الخط الأزرق إلى شمال الليطاني، وذلك لضمان أمن المستوطنات في الشمال الإسرائيلي. فـ “حارة حريك” كانت حازمة وحاسمة وجازمة في ردّها على الذين ينقلون إليها مقترحات هوكشتاين وغيره من الموفدين، وهو أن لا مجال لأي تفاوض من أي نوع كان ما دامت حمم القذائف تطارد أهل غزة وتلاحقهم في كل مكان، وما لم تنجح الضغوطات الأميركية على تل أبيب لكي توقف حرب الإبادة التي تشنّها ضد الفلسطينيين. أمّا إذا توقفت الحرب فلكل حادث حديث. في المقابل، تتوقف قوى المعارضة عند مدلولات ما يحصل في الجنوب ربطًا بما يحصل في غزة، وترى انطلاقًا من متابعاتها اليومية لمسرى الأحداث وتطروها، وللتصريحات اليومية لقادة العدو، أن ما يُحضّر للبنان بدءًا بالجنوب، ووصولًا إلى أقاصي الشمال، لن يكون بالتأكيد لمصلحة الشعبين اللبناني والفلسطيني، وأن “المقاومة الإسلامية” التي ستكون مشغولة بالردّ على الاعتداءات الإسرائيلية لن تكون في وضع يسمح لها بمساندة غزة، بل قد يُطلب من المقاومة الشعبية في القطاع مساندة لبنان.  من هنا، تعتقد هذه القوى أن تطبيق القرار 1701 هو الحلّ المثالي لوضعية لبنان ولتجنيبه حربًا لا قدرة له على نتائجها، وهو الذي يرزح في الأساس تحت أحمال ثقيلة وكثيرة. ويبدو أن تسارع الأحداث على الجبهة الشمالية – الجنوبية على وقع رفع منسوب الاعتداءات الإسرائيلية قد يفضي إلى ما يحذّر منه كثيرون.