هل يبقى حزب الله ملتزمًا قواعد الاشتباك أمام التصعيد الإسرائيلي؟

22 يناير 2024
هل يبقى حزب الله ملتزمًا قواعد الاشتباك أمام التصعيد الإسرائيلي؟


ويسأل الذين يراهنون على قوة ردع “حزب الله” عن مدى قدرته على لجم النفس أمام هذا التصعيد الإسرائيلي، الذي لم يعد يلتزم بما يُعرف بـ قواعد الاشتباك”، خصوصًا في الأيام الأخيرة، حيث يُسجل تصعيد لافت للغارات الإسرائيلية على المناطق الحدودية الجنوبية، بالتزامن مع تصعيد من نوع آخر يتمثّل بالتهديدات المتواصلة بقرب نقل ما يجري في قطاع غزة إلى لبنان، وذلك بعدما تأكدت تل أبيب من أن “حزب الله” لن يرضخ للضغوطات الخارجية، وهو الذي أبلغ الذين يحاولون التفاوض معه بالنسبة إلى انسحاب عناصره إلى شمال الليطاني “أن خيّطوا بغير هذه المسّلة”، ولكنه ملتزم في الوقت نفسه بسياسة “ضبط النفس”، والتعامل مع الوقائع بالطريقة التي يراها مناسبة، وذلك مراعاة لـ “المصلحة الوطنية”، كما سبق أن أعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله في أكثر من خطاب له، ولكنه أردف أنه إذا فُرضت عليه الحرب فإنه سيخوضها بكل ما لديه من قوة ليس دفاعًا عن أهل الجنوب فحسب، بل دفاعًا عن كل شبر من الأراضي اللبنانية.  

Advertisement

 وهذه المعادلة الجديدة التي يحاول الإسرائيليون فرضها كأمر واقع لا مفرّ منه تجعل الكثيرين في الخارج والداخل قلقين عمّا يمكن أن تؤول إليه التطورات المتسارعة وفق “الأجندة” الإسرائيلية، وبالأخص بالنسبة إلى الأميركيين الذين يحاولون أن يضغطوا على تل أبيب لوقف عدوانها المستمر منذ مئة يوم وأكثر على غزة، وبالتالي وقف ممارسة سياسة الاستفزاز للبنان، ولكنهم لم ينجحوا في ما هم إليه ساعون ومخطّطون. وهذا الأمر يدعو إلى توقّع ما هو أسوأ، سواء في القطاع أو في الجنوب بعدما وصل القصف الإسرائيلي إلى مناطق كانت تُعتبر حتى الأمس القريب في منأى عن الاستهداف الإسرائيلي. 
ويفسّر بعض المحللين والخبراء العسكريين التراجع النسبي في وتيرة عمليات “حزب الله” قياسًا إلى الوتيرة التي كان يشهدها الميدان في السابق بأن وراء هذا “الهدوء” قد تأتي عاصفة يُحضّر لها بعد كشف الوجه الآخر للعدو الإسرائيلي أمام الرأي العام العربي والدولي، وبعد دحض ادعاءاته بأن قصفه للقرى الحدودية يأتي ردًّا على عمليات “المقاومة الإسلامية” إسنادًا لغزة، لكن هذا التراجع في عدد العمليات لا يعني من منظار “حارة حريك” دليل ضعف أو وهن في صفوف مقاتليها، بل هو دليل قوة عن مدى قدرة القيادتين السياسية والعسكرية على ضبط النفس وتوقيت نوعية العمليات وعددها على الساعة التي تلائم وضعية المقاومة وليس على توقيت يحاول العدو فرضه على مسرى المعارك القتالية. هذا الامر لا يعني ما ذهب إليه بعض المحللين من أن “حزب الله” اضطرّ إلى الأخذ ببعض النصائح التي وصلت إليه عبر رسائل أوروبية تدعوه فيها إلى التخفيف من عملياته العسكرية لسحب أي ذريعة تتحينها تل أبيب لتنفيذ مخططاتها العدائية ضد لبنان عمومًا، وإن كانت المقاومة موضوعة في الواجهة، وذلك على خلفية ما يواجهه بنيامين نتنياهو من مآزق في غزة، وهو يحاول التفتيش عن مخرج له منها فلا يرى إلى ذلك سبيلًا سوى فتح جبهة جديدة مع لبنان يعتقد واهمًا أنه يستطيع أن يحقق فيها نصرًا قد يعوضّ عليه ما لم يقدر أن يحقّقه في “حربه الغزاوية”، ولمواجهة ما يتعرّض له من ضغوطات داخلية من سكان المستوطنات الشمالية، التي تطالبه بتأمين عودة آمنة ومستدامة.   
وما يزيد من قلق القلقين بأن الأمور ذاهبة في اتجاه توسعة الحرب هو ما تبعثه اسرائيل من إشارات تعزز هذه الفرضية. ومن بين هذه الإشارات – الرسائل الحديث عن عمليات نقل جارية لوحدات الجيش الإسرائيلي بعدما سُحبت من غزة الى جبهة الشمال في انتظار ساعة الصفر، وتعمّد تسريب معلومات عن وصول وحدات خاصة سراً الى تل أبيب تمهيدا للدفع بها الى الحدود الشمالية. 
ويبقى السؤال الذي هو عود إلى بدء: إلى متى سيبقى “حزب الله” قادرًا على ضبط النفس؟