قصة موعد الخماسية مع بري… هكذا بدأت وهكذا انتهت

23 يناير 2024
قصة موعد الخماسية مع بري… هكذا بدأت وهكذا انتهت


كتبت سابين عويس في” النهار”: تتقاطع الجهود الديبلوماسية الدولية الآيلة إلى نزع فتيل الحرب الشاملة عبر الحدود الجنوبية للبنان والدفع نحو انجاز استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية عبر إعادة تنشيط حركة مجموعة الدول الخمس التي تضم كلاً من الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، مع جهود داخلية مماثلة لسفراء هذه الدول بهدف جسّ النبض للحظوظ القائمة حيال إمكان تحريك الملف الرئاسي. وفي حين كان مقرراً ان تستهل هذه الدول تحرّكها عبر جولة لسفرائها في بيروت تبدأها من عين التينة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ولاحقًا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أرجئ بعد ظهر امس الموعد الذي كان تقرر مع بري، فيما لم يُعلن عن موعد زيارة ميقاتي التي ألغيت بطبيعة الحال، تبعاً لإلغاء التحرك.

لم يصدر إعلان رسمي عن مجموعة السفراء حول السبب وراء إلغاء الموعد مع بري، لكن مصادر ديبلوماسية افادت “النهار” ان عدداً من السفراء ارتأى ان يُعقد اجتماع تنسيقي في ما بينهم اولاً قبل بدء الزيارات، لافتة إلى ان لا خلفيات سياسية وراء التأجيل الذي حصل لأسباب لوجستية كما قالت، علماً ان تحرك السفراء في بيروت يأتي في اطار التمهيد للاجتماع المرتقب للجنة في باريس او الدوحة مطلع شباط المقبل. وبالتالي، لا بد من اجتماع تمهيدي للسفراء قبل بدء الجولة.وللمفارقة، يأتي الإعلان عن الغاء اللقاء مع بري بعد لقاء لافت جمع السفير السعودي وليد بخاري بنظيره الايراني مجتبى أماني في دارة الاول في اليرزة. وقد اعلن عن اللقاء وعن مواضيع البحث التي تناولت وفق البيان الصادر “ابرز التطورات السياسية على الساحتين اللبنانية والإقليمية، وتبادل الرؤى في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك”.فهل وجد السفيران السعودي والإيراني عدم جدوى في تحريك “الخماسية” الآن، أم انه بات من الضروري ان تتحول اللجنة إلى “خماسية زائد واحد”، بانضمام طهران اليها، انطلاقاً من ان أي قرار يتعلق برئاسة الجمهورية والملف اللبناني الداخلي يجب أن يحظى بموافقة ايران، بعدما أصبحت الكلمة الفصل داخلياً لـ”حزب الله”؟بحسب المعلومات المتوافرة لـ”النهار”، ان الموضوع لا يحتمل كل هذا التفسير والتأويل. وجلّ ما في الأمر ان السفير السعودي طلب الموعد من بري الذي سارع إلى تحديده اليوم قبل ان يتم التنسيق مع السفراء الأعضاء في اللجنة. وقد تبين ان السفيرة الاميركية الجديدة ليزا جونسون غير قادرة على المشاركة، خصوصاً انها لا تزال في طور جولتها على القيادات. وعليه، تقرر تأجيل الموعد على ان يحدد موعد جديد في مرحلة لاحقة يتوافق عليه السفراء، فيما عُلم ان السفير السعودي لم يلغِ الموعد وسيحضر وحده إلى عين التينة للقاء بري ظهر اليوم. كما يعقبه لقاء للسفير المصري علاء موسى الذي كان اعلن في وقت سابق انه لم يتم التوافق بعد بين اعضاء اللجنة الخماسية على موعد اجتماعهم المقبل أو مكانه، كاشفاً انه سيكون قريباً.ونفت مصادر سياسية مطلعة اي صلة بين لقاء بخاري بالسفير الايراني، مشيرة إلى لا علاقة بين الامرين، بل كل ما حصل “خربطة” بالمواعيد، مشيرة الى ان الموعد المقبل لبري مع السفراء لن يكون بعيداً، والتأجيل لا يعني تعطيلاً لعمل “الخماسية”.هذه القراءة تدحض ما تردد عن ان الملف الرئاسي وُضع مجدداً على رفّ الانتظار بعدما تقدّم الوضع الامني من بوابة التطورات المتسارعة في الجنوب على اي اولوية اخرى، علماً ان موقف “حزب الله” كما تنقل عنه اوساط سياسية لم يتغير، وان الاولوية اليوم للوضع الامني، على قاعدة أن لا صوت يعلو اليوم فوق صوت المدافع، وان لا تحريك لأي ملفات أو حديث عن تطبيق للقرارات الدولية أو لمسألة تثبيت الحدود البرية قبل الوقف النهائي للنار في غزة، علماً ان التهديدات الاسرائيلية الأخيرة بتفجير الوضع بعد هدنة 48 ساعة تشكل مصدر قلق لجهة جدية التهديدات الرامية إلى فتحٍ اوسع للجبهة الجنوبية وسط تصاعد احتمالات تمددها.لكن هذا لا يعني ان “الخماسية” قررت بدورها التريث في اطلاق اي تحرك قبل تبين مصير هذه التهديدات ومآلها على الوضع الداخلي، بل تؤكد المعلومات ان هناك تمايزاً بين الملفين، انطلاقاً من اقتناع بضرورة انتاج سلطة سياسية جديدة قادرة على التعامل مع التحديات المطروحة بسلطة كاملة وليس عبر تصريف الأعمال. وتضيف ان جدول أعمال “الخماسية” يقوم حالياً على ثلاث نقاط محورية: التأكيد اولا على التنسيق والتواصل بين اعضائها، الالتزام ثانياً بالدعم الدولي للبنان ومواكبته في استحقاقاته، واخيراً الانطلاق في التحرك مما وصلت اليه اللجنة في اجتماعها الأخير، اي السير بالخيار الثالث وفقاً للمواصفات التي حددتها للرئيس العتيد.