الحكومة تحصّن الواقع الداخلي وتتماشى مع الموقف العربي

23 يناير 2024
الحكومة تحصّن الواقع الداخلي وتتماشى مع الموقف العربي


بالرغم من الحملات غير المبررة التي تعرضت لها الحكومة اللبنانية بسبب موقف رئيسها نجيب ميقاتي المؤيد للقضية الفلسطينية والداعم للحق الانساني لأهالي قطاع غزة، الا ان الأداء الحكومي لا يزال ضمن السقف الوطني الذي يمنع انهيار الواقع الداخلي وحصول تشققات داخل البنية الاجتماعية، تؤثر، في هذه اللحظة الخطيرة، على السلم الأهلي، وهذا ما يبدو واضحاً من خلال اصرار المنظومة الحكومية على عدم الرضوخ للضغوط الاعلامية.

يركز بعض من يهاجم الحكومة اللبنانية على فكرة أنها تعطي غطاءً لـ “حزب الله” في معركته الحالية، وهذا الأمر فيه الكثير من المغالطات، أولها وأهمها أن الموقف الرسمي اللبناني يتماشى بشكل كامل مع الموقف العربي الرسمي ولا يتخطاه، وهو موقف تتبناه الغالبية العظمى من الحكومات العربية بمختلف إنماءاتها، وهذا يعني ان لبنان ليس جزءاً من اي انقسام عربي – عربي ولن يكون.ثانياً، تعمل الحكومة وفق اسلوب واستراتيجية واقعية، فهي أولاً لا يمكن لها ان تكون معادية لجزء من الشعب اللبناني خلال المعركة مع إسرائيل، بغض النظر عن الموقف الحقيقي مما يقوم به، علماً أن تجاوب “حزب الله” مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدم الذهاب إلى تصعيد شامل في الحرب كان واضحاً وقد ركز عليه ميقاتي في أكثر من تصريح رسمي مؤيداً عدم جرّ لبنان إلى معركة كبرى لا يتحملها بسبب الازمة التي يمر بها منذ سنوات.اما ثالثاً والأهم، فمن الواضح أن الولايات المتحدة الاميركية متعايشة مع هذا الحجم من التصعيد العسكري في الجنوب، بمعنى آخر فإن كل المبعوثين الاميركيين الذين وصلوا سابقاً الى بيروت لم يطرحوا فكرة وقف اطلاق من جانب الحزب قبل وقف اطلاق النار في غزة، اذ بات هناك قناعة حاسمة لدى الاميركيين بأن التسوية يجب ان تكون شاملة وهم يعملون وفق هذه القاعدة، وهذا ما يقوي الموقف اللبناني والموقف الفلسطيني معاً.من هنا تصبح الاصوات المنتقدة للاداء الحكومي، والذي ساهم بالحفاظ اولاً على السلم الأهلي وثانياً الإتزان في الموقف العربي، مجرد مزايدات سياسية وليس أكثر، خصوصاً أن خصومة هؤلاء مع “حزب الله” ليست أكبر من خصومة الأميركيين، وعليه فإن ادارة الحكومة للازمة الحالية كان ضرورياً ولم يكن ممكناً التعايش مع مثل هكذا تطورات في المنطقة من دون وجود حكومة فاعلة تجتمع وتحدد التوجهات العامة للبلد وتتواصل مع الافرقاء المعنيين.تفرض التطورات الحالية المزيد من الحذر، خصوصا ان الواقع الميداني لا يزال مفتوحا على كل الاحتمالات، لكن الاكيد ان التضامن داخل مجلس الوزراء قوي جدا. وبعيدا عن الهجوم السياسي، يبدو الرأي العام اللبناني مقتنعاً بشكل نهائي بأهمية عمل واجتماع الحكومة وبأحقية موقفها المتوازن من الاحداث والتطورات، وهذا امر يعلمه المعارضون لذلك باتوا في الايام الاخيرة يحولون معارضتهم وانتقاداتهم الى مجرد حالة فولكلورية…