بين حرب تموز 2006 وحرب تشرين الأول2023، يبقى الجنوب الوجهة، والبوصلة.. كيف لا وهو واجهة العدو الاسرائيلي الأولى، التي يستخدمها ليفجّر فيها بطشه، وعنفه.. عازفًا على القرى الحدودية ألحان الموت بطائراته ومسيّراته ودبّاباته ومدافعهِ..
هكذا اعتاد أهل الجنوب على الحروب، التي يخرجون منها دائمًا صامدين، رغم التنكيل والجرائم التي ترتكب بحقهم.بلدة كفركلا، واحدة من هذه القرى، التي تشكل نقطة استراتيجية، عمل العدو الاسرائيلي على استهدافها، إذ ترزح تحت نيران القصف الإسرائيلي المدفعي، وصواريخ الطائرات الحربية..”لبنان 24″ زار البلدة، حيث تم رصد حجم الدمار الهائل الذي تعرّضت له.. أحياء، ومنازل، متاجر، ومؤسسات، كلّها كانت هدفًا للعدو، دون إعطاء أي أهمية للعناصر المدنية التي لم تسلم من هذا البطش، إذ قدّمت كفركلا إلى حدّ اليوم 6 شهداء من المدنيين، هذا عدا عن عملية التدمير الممنهج للمنازل والمؤسسات، إذ علم “لبنان 24″ أنّ ما يقارب الـ 40 منزلا، و40 محلا تجاريًا قد تمّ تدميرها بشكلٍ كامل من قبل الطائرات الحربية، و150 أخرى قد تم استهدافها بشكل جزئيّ.بالتوازي، يؤكّد شهود عيان لـ”لبنان 24″ على أنّ ما شهدته كفركلا من قصف يعتبر بالأمر الغريب، إذ إنّ كلّ ضربة تختلف عن الأخرى، إن كان من حيث نوع القذيفة، أو الصاروخ، أو من حيث الموقع المستهدف، وكثافة القصف في الوقت نفسه، إلى حدّ شبّهها البعض بحقل تجارب للأسلحة نسبةً إلى الكمية الكبيرة من أنواع الصواريخ والقذائف التي أصابتها .أضرار مادية: حدّث ولا حرج”لبنان 24″ تواصل مع رئيس البلدية المحامي حسن شيت الذي أكّد أنّ القصف على كفركلا استهدف الممتلكات والأبنية والوحدات، ما تسبب بنزوح 75% من سكان البلدة، أي حوالي 4500 نسمة، وذلك خوفًا من القصف المدفعي، والجوي، والقصف الفوسفوري، توزعوا على القرى المجاورة.يؤكّد شيت لـ”لبنان 24″ أن القصف الذي بدأ منذ حوالى الشهرين امتد إلى وسط البلدة، بعد أن كان العدو، قبل الهدنة السابقة، يستهدف فقط الأطراف.ويقول في هذا السياق:” الأضرار المادية التي تسبب بها العدو بعد توسّع رقعة الإستهداف داخل كفركلا حدّث ولا حرج، إذ إنّ أكثر من 200 مبنى، بين منازل ومحال تجارية قد تم استهدافها بالطائرات، كما أنّ هناك أستهدافات أخرى لم يتمكن الأهالي من الوصول إليها، علمًا أن لا إمكانية لمسح الأضرار في الوقت الحالي.ولفت شيت إلى أن حتى مركز الإسعاف، والذي يعتبر مركزا مدنيا قد تم استهدافه من قبل العدو الإسرائيلي على الرغم من أنّه كان مخصصًا للحالات الطارئة، إلا أنّه بفضل قدرات الأهالي، تم إعادة تأهيله لإعادة إستقبال أي حالة خطرة.القطاع الزراعي لم يسلمبالتوازي يؤكّد رئيس البلدية أن القطاع الزراعي لم يسلم أيضا من عملية الإستهداف، إذ ولأول مرة، لم يستطع أهالي كفركلا حصد موسم الزيتون، نسبة إلى عملية القصف التي كانت تهدّد تواجدهم داخل أرزاقهم، أضف إلى أن مزارعي القمح لم يتمكنوا أصلاً من زرع أرزاقهم، وهذا ما حرمهم من الموسم الحالي. هذا عدا عن المنتجات الموسمية، التي لم يتمكن المزارعون من زرعها.من ناحية أخرى، فان كوارث كبيرة سبّبها القصف الفوسفوري، الذي سقط على الأراضي الزراعية، والذي كان “لبنان 24″ قد أضاء في مقال سابقٍ على الآثار غير الطبيعية، التي تم إلحاقها بالثروة الزراعية، والأحراج، والتربة، عقب القصف.البنى التحتية في وضع حرجوبشكل شبه يوميّ، لا يوفّر العدو الإسرائيلي فرصةً إلا ويستهدف البنى التحتية، التي دُمّر البعض منها بشكلٍ كامل. بهذا السياق يؤكد شيت لـ”لبنان 24” أن خسائر كبيرة طالت شبكة الكهرباء والمياه ومولدات الإشتراك والإنترنت. ومن هنا فإن هذه الخدمات لا تزال متوافرة فقط في الأماكن التي لم يتم استهدافها.بالتوازي، لا يخفي شيت أزمة توفير المياه وذلك بسبب عدم القدرة على تأمين الكهرباء للبئر الأساسي الذي يغذي البلدة بالمياه، ومن هنا فإن أمر تأمين المياه معتمد على تقديم الدعم أو التبرعات، ونشاط أهالي القرية الذين يقومون بجهد كبير لنقل المياه إلى البلدة.وإلى يومنا هذا، لا تزال كفركلا تتعرض بشكل يومي لقصف إسرائيلي هدفه ترويع المواطنين، ودفعهن خارج البلدة.. وهذا ما يرفضه الأهالي، الذين يؤكّدون أنّهم من هذه الأرض ولهذه الأرض، ومهما حصل، لن يتم أبدًا رفع الراية البيضاء.