اخذت عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس الكثير من الأخذ والرد الاعلامي، الا انها بطبيعة الحال تعكس الانقسام السياسي والطائفي الذي تشهده الحياة السياسية الداخلية منذ بدء الحرب في قطاع غزة ومشاركة “حزب الله” عبر المعارك في جنوب لبنان. ولعل دخول البطريركية المارونية على هذا الاشتباك السياسي بشكل مباشر من مدخل القرى المسيحية وامتعاضهم من الوضع القائم يوحي بأن الازمة ستزيد تعقيداً.
سيعطي كلام الراعي غطاءاً سياسيا وكنسياً للقوى السياسية المعارضة للحزب، لكنه في الوقت نفسه يزيد من تكريس شكل الانقسام الطائفي، اذ باتت الغالبية الكبرى من المسيحيين غير موافقة على انخراط الحزب في المعركة، وان بمستويات مختلفة من الاعتراض، وغالبية مسلمة موافقة او اقله غير منزعجة مما يحصل، وعليه فإن الازمة الداخلية تتعمق بشكل خطير مع استمرار المعارك التي لا افق واضح لنهايتها.وبحسب مصادر مطلعة فإن القوى المسيحية المعارضة سترفع سقف خطابها المعترض في الايام المقبلة ضد الحزب وخياراته العسكرية وهذا الامر قد يترافق مع اصوات من داخل “التيار الوطني الحر” منزعجة من سلوك “الحزب” السياسي، كل ذلك سيزيد الضغط على “حزب الله” الذي يرفع مستوى تصعيده العسكري عند الحدود الجنوبية بالتوازي مع التهديدات الاسرائيلية بفتح مسار الحرب الشاملة.وترى المصادر أن رد كل من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان اضافة ردود اخرى من رجال دين مسلمين ستضع الكباش الداخلي على مفترق مصيري في ظل تحرك “الخماسية الدولية” التي ستجتمع لاستعادة اطر الحل اللبناني،من دون ان يكون لايران اي دور فيها حتى اللحظة، بمعنى آخر ، فإن الخماسية زائد واحد لن تبصر النور وسيظل الحوار القائم مع طهران تقوده واشنطن من جهة والرياض من جهة اخرى.ترى المصادر ان التصعيد الداخلي سيكون جزءاً من التصعيد الذي يحصل في المنطقة، وتحديداً التصعيد العسكري، وهذا الامر يؤشر لاحد امرين، اما اقتراب التسوية وسعي الاطراف لتحسين شروطهم التفاوضية قبل الحل النهائي، او الذهاب الى التصعيد الكبير الذي باتت تُمهد له الطريق في اكثر من ساحة، من العراق واليمن وجنوب لبنان بالتوازي مع تخفيف اسرائيل الضغط على قطاع غزة وسحب قواتها البرية منه..التطورات اليوم تفتح المجال امام امكانية حصول حلول بمعزل عن التدهور للعسكري واستغلال لحظة الانشغال الكاملة لبعض الدول بالملف الفلسطيني.لكن، على الهامش قد تؤدي الضربات الكبرى التي بدأت تخرج عن الاطار”المسموح” الى تدهور غير مسبوق. ولعل استهداف القاعدة العسكرية الاميركية في الاردن ومقتل ٣ جنود اميركيين واصابة العشرات مثال حي على امكانية حصول تحولات مفاجئة تخرج الامور عن السيطرة، وتنهي فرص التسوية في كل الساحات.