أيّ استنتاجات للقاء الموفد الألماني مع حزب الله؟

30 يناير 2024
أيّ استنتاجات للقاء الموفد الألماني مع حزب الله؟


كتب ابراهيم بيرم في” النهار”: كان أمراً مثيراً ان يتعمد حزب الله تسريب خبر استقبال نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم المسؤول الثاني في رأس الهرم في المخابرات الالمانية وفحوى اللقاء الذي جرى بينهما في الضاحية الجنوبية. فإلقاء الاضواء على لقاء من هذا النوع يعني في عِلم المخابرات أمرين لا ثالث لهما: إما “إعدام” نتائج اللقاء وحرقه وكأن شيئا لم يكن، وإما البوح به لتكريس أبعاد أخرى تلي اللقاء.

الموفد ركز على امرين اساسيين:
– دعوة الحزب الى تجميد أنشطته العسكرية على الحدود بأسرع وقت تلافياً لأمر جلل آتٍ على لبنان.
– اقناع الحزب بجدية التهديدات الاسرائيلية بعمل عسكري واسع ومدمر ضد الاراضي اللبنانية ما لم يقتنع (الحزب) بما هو معروض عليه ومطلوب منه.وكان لافتاً وفق المصادر اياها ان الموفد الالماني حاول ان يسهب في حديثه عمّا تعدّه اسرائيل للبنان في حال نفد صبرها وأخفقت جهود الوساطة الغربية مع الحزب ، لكن قاسم سرعان ما كان يقاطعه ليكرر على مسمعه اللازمة المعروفة التي اعتمدها الحزب منذ البداية وتسلّح بها، وهي “اننا لسنا مستعدين لإيقاف عملياتنا الحدودية ما دامت اسرائيل تمعن في عدوانها على غزة بشراً وحجراً، وانه اذا كان هو (الموفد) وأقرانه الغربيون يريدون فعلاً الحيلولة دون تفاقم الامور فما عليهم إلا ان يضغطوا على اسرائيل لكي توقف عدوانها الوحشي على تلك المدينة المنكوبة وتوقف ايضا حرب الابادة على شعبها”. واللافت ان قاسم كرر في لقائه تلك اللازمة ثلاث مرات في محاولة منه لكي لا يأخذ الضيف الحديث الى حيث يريد، ولكي يحصر هذا النقاش في عنوان واحد هو وقف العدوان على غزة من جانب المعتدي.وفي جلسة تقييم اللقاء التي انعقدت بعد ارفضاضه ومغادرة الموفد الالماني، تبين للدوائر عينها ان ثمة قاسماً مشتركاً عند كل الموفدين الاجانب الثلاثة الذين اجتمع بهم مندوبو الحزب وهم، الى الالماني، الفرنسي وموفد الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل، اذ كان سعيهم الاساسي ورسالتهم المحورية التأثير على الحزب واقناعه بان الغضب الاسرائيلي الساطع آتٍ لامحالة، وان مهمتهم كموفدين تنحصر في حماية لبنان والحيلولة دون الانزلاق الى مصير يشبه مصير غزة، وهو اسقاط الحزب بالإيهام والتأثير المعنوي والحرب النفسية وجعله يذعن قبل اي خطوة تالية.ودليل ذلك ان الموفد الالماني، كما سابقيه، كان يتعمد مقاطعة حديث مندوب الحزب عندما يبدأ كلامه عن “عدوانية” اسرائيل ووحشيتها وتغوّلها، فهم كانوا وكأنهم لا يريدون ان يستمعوا الى اي وجهة نظر بل إنهم أتوا ليبلغوا رسالة تخويف وترهيب كُلّفوا حملها ونقلها.وهكذا تستنتج الدوائر نفسها ان كل الرسل والموفدين الى لبنان اخيرا أتوا بلسان واحد ولإبلاغ رسالة حصرية. وبعد كل لقاء من هذا النوع كان الحزب مجبراً على الرد بالميدان لإظهار جليّة موقفه، وكان عليه ان يُدخل اسلحة وتكتيكات متطورة لكي يوحي للعواصم الموفِدة وللاسرائيليين أنفسهم انه مستعد للمعركة مهما كانت طويلة، وانه استطرادا لن يخلّ بوعده في دعم غزة ومؤازرة مقاوميها.