لا يبدو واقعيا الحديث عن ان تل ابيب ستستمر بالمعركة مع “حزب الله” جنوب لبنان حتى بعد انتهاء الحرب على قطاع غزة، على اعتبار أن اسرائيل تبحث بشكل حاسم عن انهاء المعركة بعيداً عن رغبات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التي لا تصب أبداً في مصلحة الكيان بل في مصلحته الشخصية، وعليه فإن الجيش المتعب والذي تعرض لضربات جدية في غزة وشمال فلسطين المحتلة لا يفضل قادته الذهاب الى حرب مع قوة متعافية نسبياً كحزب الله.
هذه القراءة لا تشمل القرارات الجنونية التي قد يقوم بها نتنياهو في لحظة هروب الى الأمام في ظل الضغوط الاميركية التي يتعرض لها لانهاء المعركة في غزة وبالتالي في جنوب لبنان الذي سيوقف “حزب الله” اطلاق النار منه مع انتهاء الحرب في غزة، وعليه فإن إستمرار اسرائيل بالاستهدافات ستنقل المعركة الى مستوى مختلف جنوباً، خصوصا وأن رغبة المؤسسة العميقة في تل ابيب هي ايقاف المعركة مع الحزب بأقرب وقت ممكن.لكن، بالتوازي مع هذه الرغبة، هناك اعتقاد راسخ في اسرائيل بأن الجيش الاسرائيلي استطاع تحقيق انجازات تكتيكية كبيرة في القطاع المحاصر وابعد خطر حماس نسبياً ودمر جزءا كبيرا من قوتها العسكرية، وعليه فإن القبول بالواقع الحالي على الحدود الشمالية بالنسبة لتل ابيب غير ممكن، خصوصا أن المعارك الحالية اظهرت ان “حزب الله” طوّر قدراته العسكرية بشكل كبير ضمن كل الاختصاصات العسكرية والتقنية.وبحسب مصادر مطلعة فإن تكرار تجربة غزة في لبنان هو الهدف الحقيقي لاسرائيل، وهذا الهدف يعني أن استعادة الجيش الاسرائيلي لعافيته واعادة تجهيزه وتدريب قواته واستفادته من تجربة غزة سيؤدي إلى اعادة فتح الجبهة مع لبنان وتوجيه ضربات، تريدها اسرائيل، قاضية على “حزب الله”، لذلك فإن امكانية إندلاع صراع من جديد بعد انتهاء الحرب هو امر ممكن في الاشهر او السنوات القليلة جدا المقبلة.وتشير المصادر الى أن وصول الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب مجدداً الى البيت الابيض سيشجع الحكومة الاسرائيلية على الحرب مع الحزب، خصوصا أن الرأي العام الاسرائيلي يتجه بشكل متسارع نحو اليمين والتطرف، ونسب تأييد الحرب والاستمرار بها مع حماس ومع “حزب الله” عالية للغاية وفق ما تنشر وسائل اعلام اسرائيلية مما يعطي شرعية لاي قرار تصعيدي في المرحلة المقبلة.في حال عدم حصول تسوية شاملة في المنطقة ككل، تشمل القضية الفلسطينية، فإن الهدنة او وقف اطلاق النار الذي سيحصل في غزة او لبنان سيكون تأجيلا للانفجار الذي لا مفر منه، لان الاطراف الاساسية لا تزال تشعر بأنها قادرة على الانتصار بالضربة شبه القاضية، وهذا قد يكون اخطر ما في الصراعات المسلحة..