ما تداعيات حديث الأستاذ على رئاسة الجمهوريّة؟

8 فبراير 2024
ما تداعيات حديث الأستاذ على رئاسة الجمهوريّة؟


بعدما اجتمع سفراء الدول الخمس المعنيّة بلبنان قبل فترة قصيرة، برئيس مجلس النواب نبيه برّي، في عين التينة، فاجأ الأخير الأوساط السياسيّة بإعلانه أنّه لن يدعو إلى جلسة إنتخاب جديدة، طالما أنّ أيّ مرشّح لم يحصل على أصوات كافيّة، تُؤهّله للوصول إلى سدّة الرئاسة، بالإضافة إلى اشتراطه مرّة جديدة الحوار، للذهاب إلى جلسات مفتوحة، بعد الإتّفاق على هويّة الرئيس ومشروع عمله.

 
ورأت أوساط سياسيّة، أنّ كلام “الأستاذ” أتى في مرحلة، أصبح الخارج فيها مقتنعاً بضرورة إختيار مرشّح وسطيّ، أو بالأحرى “الخيار الثالث”، لأنّه لا يُمكن إنتخاب رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، ولا مرشّح المعارضة. وأشارت الأوساط إلى أنّ برّي يضرب مساعي “الخماسيّة”، ويأخذ البلاد إلى مزيدٍ من الفراغ، في ظلّ عدم رغبة المسيحيين بحضور الحوار، لأنّهم يرون أنّ لا جدوى منه.
 
ويقول مراقبون في هذا السياق، إنّ برّي حدّد 7 أيّام للحوار، كيّ يتوافق الجميع على أحد المرشّحين، وبطبيعة الحال، سيقوم “الثنائيّ الشيعيّ” بطرح إسم سليمان فرنجيّة، وهذا حقّ “حزب الله” وحركة “أمل”، لكن المعارضة تنتقد بشدّة أسلوب “الثنائيّ الشيعيّ” بجرّ كافة الكتل إلى الحوار، للحديث عن رئيس “المردة”، المرفوض أساساً من أكثر من نصف النواب.
 
ويوضح المراقبون أنّ لا فرق بين برّي أو نائبه بترؤس طاولة الحوار، فالمعضلة ليست بمن يُديرها، وإنّما بجدول أعمالها، وبطرح أسماء مرشّحين مقبولين من الجميع، للخروج بنتائج وحلول تُنهي الشغور الرئاسيّ.
 
وتجدر الإشارة إلى أنّ الردّ الأوّل من قبل المعارضة على برّي، جاء من رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع، الذي رفض الفكرة التي يطرحها رئيس المجلس بشأن الحوار، لأنّ الأخير يُريد تأمين التوافق على مرشّحه. وتقول أوساط نيابيّة معارضة في هذا السياق، إنّها لا تُعارض الحوار بالمطلق، لكن المشكلة تكمن في أنّ “حزب الله” و”أمل” لا يزالان يتمسّكان بفرنجيّة، ما ينسف أيّ مُحاولة في نجاح الحوارات والنقاشات الجانبيّة بين النواب.
  
ويقول المراقبون إنّ الدول المعنيّة بلبنان لم تدخل في لعبة الأسماء الوسطيّة حتّى اللحظة، لكنّ أغلبيتها يُؤيّد قائد الجيش جوزاف عون، من دون الإعلان عن ذلك علناً. وبعد تجديد برّي شرط “الثنائيّ الشيعيّ” بضرورة التوافق على أيّ مرشّح، يرى المراقبون أنّ رئيس المجلس يكون قد ردّ بطريقة غير مباشرة على سفراء الولايات المتّحدة الأميركيّة، وفرنسا، والمملكة العربيّة السعوديّة، وقطر ومصر، بأنّ فريقه لا يقبل بأيّ من المرشّحين الأخرين.
 
ويلفت المراقبون إلى أنّ “الثنائيّ الشيعيّ” أصبحت شروطه الرئاسيّة أقوى، وخصوصاً وأنّه يربط الإستحقاق الرئاسيّ بما يدور في غزة، وفي جنوب لبنان، ويهدف إلى تعزيز مكانته السياسيّة في السنوات الستّ المقبلة، مُنطلقاً من تقدّم محور الممانعة في المنطقة، على حساب حلفاء واشنطن. لذا، يُشير المراقبون إلى أنّ “حزب الله” و”أمل” يُريدان المشاركة في إيصال الرئيس أيّاً تكن هويته، لأنّهما يرفضان إنتخاب شخصيّة لا تُؤمِن بالمقاومة، وبمبدأ توحيد الساحات.
 
كذلك، بحسب المراقبين، فإنّ برّي عبر التوافق المسبق على المرشّح، يُحاول إشراك فريقه في تحديد مشروع عمل الرئيس الجديد، بينما أيّ شخصيّة وسطيّة، لن تكون مُقرّبة لا من الثامن من آذار، ولا من المعارضة، وستعمل باستقلاليّة من دون مراعاة مصالح وحسابات الأفرقاء، وخصوصاً “حزب الله” والمقاومة.