يُروى أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وما أن يستيقظ من النوم صباحا، حتى يقف أمام المرآة ويسأل نفسه: ضد مَن سأوجه سهامي وحملاتي اليوم؟ بمن”سأتملح”(اي اتجنّى) لاخفي المأزق الحقيقي الذي أعيشه داخل “التيار” جراء التمرد والانقسامات التي أواجهها، رغم وجود “جبل بعبدا” الذي “يغطيني” ويقمع المتمردين تارة بالصراخ وطورا بتهديدهم بفتح ملفاتهم المالية، على غرار النائب الشاب الذي تراجع عن الترشح ضدي.
مناسبة هذا الكلام ما قاله باسيل امس في شريط فيديو وتصريح مكتوب، من اتهامات يمينا ويسارا على خلفية” تزحيط” زيارته التي كانت مقررة الى طرابلس، و”الصفعة المدوية” الجديدة التي وجهها اليه مجلس الوزراء بتعيين رئيس جديد للاركان في الجيش.
وحتى لا يعتقد باسيل أن فجوره يمكنه من اخفاء الحقائق سنرد ببعض الوقائع.
يقول ” الفوهرر” الباسيلي انه حين كان وزيرًا للطاقة، اعد 7 مشاريع استراتيجية، لكنها توقفت بالرغم من جهوزيتها بسبب النكاية السياسية بحكومة رئيسها و5 وزراء فيها من طرابلس”.
والرد الطبيعي والسهل على هذه المزاعم هو في سؤال باسيل: هل ما كنت تخطط له يشبه” الجورة” المسماة “سدا” قبل نفق شكا التي بلعت ملايين الدولارات؟ أم انك تتحدث عن المعمل الكهربائي المزعوم الذي كنت تنوي انشاءه، رغم كلفة استملاكاته العالية وعدم اولويته الملحة، فأكلت” الضرب” على طاولة مجلس الوزراء يومها لتخرج غاضبا ، بعدما جُوبهت برفض الموافقة على المشروع؟
يقول باسيل في شريطه المصوّر “ان المسؤول نفسه ابن طرابلس الذي كان على رأس إيقاف مشاريع الطاقة كان يحرّض على تخريب زيارته الى طرابلس. وهو طبعا يقصد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وعلى هذه النقطة تجيب اوساط حكومية معنية: “إن وضع البلد الدقيق يستدعي حتما اهتماما مكثفا من رئيس الحكومة ولا وقت لديه لينصرف كما يزعم باسيل الى تخريب زيارته للمدينة. فهل يعتقد باسيل أن الطلاء الملون الذي زين به بيوت طرابلس ينسي اهل المدينة تطاوله الاسود عليها وعلى اهلها وقياداتها واتهامهم بالتعصب الطائفي والمذهبي والتزمت؟ وهل يراهن على ان اهل طرابلس سيسمحون له بالتمريك عليهم” للايحاء بأنه مقبول من الجميع وفي كل المناطق؟”
كان لافتا أنه، في بيانه المكتوب، أصر باسيل على ذر الرماد في العيون على خلفية تعيين رئيس الاركان في الجيش، متهما رئيس الحكومة بالسطو على صلاحيات فخامة الرئيس، وبنحر دستور الطائف”.
وتقول اوساط حكومية معنية “إن الرد الطبيعي على هذا الكلام يبدأ بنصح باسيل بأن يقوم وكتلته بواجباتهم اولا لانتخاب رئيس جديد قبل اتهام الاخرين بمصادرة الصلاحيات. كما ان المطلوب منه الايعاز الى الوزراء المحسوبين عليه بوقف مقاطعتهم العديمة الجدوى لمجلس الوزراء والعودة الى طرح كل البنود خلال الجلسة بدل الاكتفاء بالنحيب عن بعد او “بالتسلل” الى السرايا للطلب من رئيس الحكومة ادراج بنود لعرضها على مجلس الوزراء واتخاذ القرار المناسب في شأنها”.
اما بشأن اتهام باسيل رئيس الحكومة باغتصاب صلاحية وزير، فهو اتهام باطل لان الجميع يعلم ان رئيس الحكومة كان حريصا على التشاور مع الوزير في الملف قبل ان يصدر امر باسيل او “الرقم الصعب” المزعوم في تكتله، بمنع وزير الدفاع من ان يلتقي رئيس الحكومة، لا بل الطلب اليه صياغة تصريح ينسف فيه كل الايجابيات التي تحققت خلال الاجتماع الذي سبقه عناق من القلب من وزير الدفاع الى رئيس الحكومة.
وفي الخلاصة، تضيف الاوساط الحكومية المعنية: ننصح باسيل بالعودة الى رشده بدل افتعال مشكلات وعراضات ملّها الناس الذين صاروا يتوقون الى يوم يستعيدون فيه حياتهم الطبيعية، ووقف الشعارات الكاذبة عن حقوق المسيحيين.
وتختم الاوساط الحكومية المعنية بالقول: “عد يا جبران الى رشدك واوقف هلوساتك الممجوجة وانصرف الى شؤون بيتك، واترك القيمين على البلد يحاولون معالجة ما امكن من ملفات في انتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
لكن الاكيد الاكيد أنك لن ترتدع عن “الحرتقة” التي باتت سمة حياتك، ولا عن محاربة “طواحين الهواء”.