سوق العمل في لبنان "تبدّل".. اختاروا هذه المهن

24 فبراير 2024
سوق-العمل-في-لبنان-"تبدّل".-اختاروا-هذه-المهن
سوق العمل في لبنان "تبدّل".. اختاروا هذه المهن

عصر “وظائف الوجاهة” في لبنان ولّى و”برم الدولاب” ليعيد الى الساحة مهناً قلّ احترافها، فارضاً أيضاً وظائف أخرى، بعضها لمواكبة التطوّر التكنولوجي والبعض الآخر نتيجة الازمة الاقتصادية التي يمرّ بها البلد. سوق العمل هنا يشهد فورة لا تماثل الأسواق الأخرى، فصحيح أننا في حقبة التكنولوجيا، حيث تفرض المعلوماتية نفسها على عرش الوظائف، مانحة من يتخصّص بمجالاتها الواسعة أعلى الأجور، إلّا أن لسوق العمل اللبنانية أبواب استرزاق بعيدة عن وظائف العصر الرقميّ.

 
يتأثرّ سوق العمل والتوظيف بديناميات السوق، الهجرة، مستوى التعليم، عدد المتقدمين للوظائف وقوى التفاوض بين أرباب العمل والموظفين بشأن الأجور وساعات العمل والمزايا والتعويضات. وقد مرّ لبنان في السنوات الأخيرة الماضية بموجة هجرة للشباب الباحثين عن مستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، مع استمرار ترنّح البلد باضطراباته المالية والاقتصادية والاجتماعية. كذلك اضمحلّت رواتب القطاع العام وبالأخص العسكريين، فبات هؤلاء في بحث عن وظيفة رديفة تلائم ظروفهم الاستثنائية. كل هذه العوامل تضاف اليها أزمة النزوح السوري، جعلت لسوق العمل المحلية خصائص مغايرة للأسواق العالمية الآيلة نحو المكننة.
 
سوق العمل اللبناني حالياً
الوظائف في السوق اللبنانية تراجعت مقارنة بالسنين الماضية، هذا ما يؤكده صاحب شركة “hire land” المتخصصة في سوق العمل والتوظيف، علي الحسن، مشيراً في حديثه لـ”لبنان 24″ الى أن مكاتب التوظيف تواجه “صعوبة بإيجاد كفاءات لأن أغلبية أصحاب المهارات والكفاية، بنسبة 70% و80%، غادرت لبنان في الفترة المنصرفة”.
ويشير الى أن “القطاع الأكثر حركة وازدهاراً حالياً هو قطاع المطاعم والفنادق وهو الأكبر بعد قطاع المصارف”. لذا نشهد العديد من موظفي القطاع العام يبحثون عن أعمال في مجالات التوصيل “الديليفيري”، أو الأمن.
كذلك، تلفت مصادر لـ”لبنان 24” الى أن العديد من العسكريين يتوجهون نحو “مهنة الفاليه” وهو ما يؤمّن لهم مردوداً شهرياً إضافياً يترواح بين الـ300 دولار أميركي والـ500 دولار أميركي كحد أقصى”.
ويحتلّ القطاع التكنولوجي (تطوير المواقع، تطوير التطبيقات، تصميم غرافيك) المرتبة الثانية حالياً في السوق اللبنانية وفقاً للحسن الذي يشير الى أن هذه الوظائف هي من الأعلى أجراً، إذ تبدأ من 1500 دولار شهرياً وتصل للـ3000 دولار شهرياً. ثمّ يليه مجال المبيعات، وبالأخص الـ”outdoor sale”.
من جهّته، يقول الباحث في الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، لـ”لبنان 24″ إن الوظائف المرتبطة بقطاع التكنولوجيا هي الأكثر طلباً. غير أنه لا توجد حتى الآن إحصاءات ومسح جديد لسوق العمل في لبنان يحدّد تأثير التطور التكنولوجي عليها.
 
لماذا لم يتأثّر سوق العمل بـ”هجرة الشباب”؟
على عكس ما تتوقعون، “هجرة الشباب اللبناني” لم تفتح فرصاً كبيرة في السوق المحلية أمام اللبنانيين المقيمين. ويقول صاحب شركة التوظيف إن “العمالة السورية تنافس بحدة اليد العاملة اللبنانية، وبدأت تجد لها فرصاً في قطاعات المطاعم والفنادق وحتى في القطاعات الإدارية”.
ويتابع: “المطاعم بدأت تستعين بالعمالة الأجنبية، السورية على وجه التحديد، في العديد من الوظائف كـ”الديليفيري” أو حتى داخل مطابخ المطاعم. كما بتنا نجد معلّم شاورما سوري بدلاً من اللبناني”.
الحسن الذي اعتبر أن هذا الوضع يستدعي تحرّكاً عاجلاً من قبل الدولة وأجهزتها لتنظيم دمج النازحين في العمل وضمان حق اللبنانيين في العمل، يذكّر بأنه “وفقاً لقانون العمل اللبناني يحق لهؤلاء العمل فقط في مجال الزراعة (عامل زراعي) أو في مجال البناء (عامل بناء) أو عامل نظافة”.
ويؤكّد أن “لتصحيح الخلل في سوق العمل اللبناني، يجب أولا تنظيم انخراط اليد العاملة الأجنبية فيه”، معتبراً أن “بدون هذه الخطوة لن يتحسّن الوضع وسيسوء أكثر نظراً للمنافسة السورية الكبيرة لليد العاملة اللبنانية، إذ أن قانون العمل لم يردع العمالة السورية من اكتساح وظائف عدة في سوق العمل اللبناني”.
 
قطاع مُقبل على “هجرة عكسيّة”
القطاع الطبي والتمريضي كان من أكثر المتأثرين بحركة الهجرة الأخيرة، إلّا أن من غادر لبنان لم ينل عقوداً مغرية في الخارج وما حصل كان أشبه باستغلال للأزمة.
وعن هذا القطاع، يكشف الحسن أن “هناك عدد من الأطباء والممرضات سيعودون الى لبنان في شهر حزيران المقبل، عند انتهاء عقود عملهم”، لافتاً الى ان “هؤلاء سيشغلون عند عودتهم وظائفهم الطبية المعروفة في مجال التمريض والطبابة ومشيراً الى أن “رفع تعرفة الأطباء هو ما شجّع عودة من سافر الى لبنان لمزاولة مهنته”.
ويشير الى أن “الهجرة التي شهدها القطاع التمريضي لم تخلق نقصاً في سوق العمل”، مفسراً أن “هذا القطاع يضمّ فتيات وشباب وخلال الهجرة التي حصلت، الفرصة سمحت للممرضات بإتمام عقود عمل في الخليج، غير أن الممرضين الشباب استمروا في وظائفهم المحلية وغطوا النقص الذي نتج عن هجرة الممرضات”.
 
للجيل الجديد.. هذه المهن مطلوبة
قد يكون المجال التقني هو الأعلى أجراً والأكثر طلباً في ظلّ التطوّر التكنولوجي، غير أن الحسن يحذّر من أن الذكاء الاصطناعي سيلغي العديد من الوظائف ومن بينها التقنية والاتصالات ووظائف في القطاع المصرفي. لذا ينصح الجيل الجديد بعدم التوجّه لهذه الاختصاصات او اختيارها مع “خطة مدروسة”، آخذين بالاعتبار فرضية استبدالهم بالآلة يوماً ما.
 
ويقول: “ليتوجه جيل الشباب الى القطاع المهني كالنجارة والسنكرية والكهرباء وتركيب الطاقة الشمسية والحدادة، فهذه المهن تزداد الحاجة لها ومن يمتهنها يحصد الأرباح؛ كما أنها تسمح لـ”صاحب المصلحة” بأن يوسّع أعماله، يؤلف فريقاً يضّم عدداً من العمال وبالتالي بأن يأخذ مزيداً من “ورش العمل”.
وفي المهن الحرة أيضاً، ينصح بالتخصص في مجال ميكانيك السيارات لان “هذا القطاع يبقى نشطاً لكثرة أعداد المركبات في لبنان”.
كذلك، ينصح باختيار القطاع الطبي والتمريض لمن لا يرغب بالمجالات المهنية، لان سوق التمريض واسع ويشهد طلباً كبيراً في الخارج.
كما يلفت الى القطاع البحري يحتوي على الكثير من الوظائف، لافتاً الى أن النقل البحري لا يتوقّف وهو يشهد نقصاً في اليد العاملة عالمياً.
وفي الختام، يوجّه نصيحة أخيرة للراغبين بالانخراط بقطاع التكنولوجيا والمعلومات كتطوير البرامج وموظفي تقنية المعلومات “IT”، ويقول: “من المحبّذ التخصص بالبرمجة”.