لم يعد خافيا على أحد أن هناك مخططا واضحا بوشر تنفيذه يقضي بتعطيل عمل الحكومة وصولا الى فرض الشلل التام في البلد. والدليل على ذلك ما حصل بالامس في محيط السرايا “تحت ستار” المطالب، و”التغاضي الامني والعسكري الواضح” عن تطويق مقر رئاسة الحكومة بأعذار واهية، بالتزامن مع تلاقي كل “الخصوم السياسيين” على البحث في رفع شكوى أمام المجلس النيابي بحق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بحجة “مخالفة الدستور”، في وقت مطلوب منهم بالدرجة الاولى التلاقي لاتمام استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية لانهاء الشغور في “الموقع الماروني الاول في الدولة”.
والمفارقة ايضا أن هولاء “الاضداد السياسيين” المسؤولين بالدرجة الاولى عن الفراغ في رئاسة الجمهورية، لعدم توافقهم على كلمة سواء، يتلاقون من حيث يدرون او لا يدرون على الامعان في التعطيل الحكومي، إما عن طريق مقاطعة جلسات مجلس الوزراء او عن طريق البحث في “عرائض نيابية” يعلمون سلفا انها لن تتعدى اطار الحرتقات الاعلامية والقنابل الصوتية”.
والمستغرب أكثر ان الفريق نفسه يمارس سياسة تأييد الحكومة وعملها “على القطعة وحسب المصلحة”، وآخر الشواهد على ذلك التشجيع العلني كنسيا وسياسيا على التمديد لقائد الجيش او الطلب من رئيس الحكومة وبإلحاح موثق عبر الواتساب والاتصالات الهاتفية بوقف نشر القانونين المتعلقين بالهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وبتنظيم الموازنة المدرسية، وباعطاء مساعدة مالية لحساب صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة.
في المقابل، تؤكد اوساط حكومية معنية “ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مستمر في عمله لتسيير شؤون الدولة ضمن الامكانات المتاحة والصلاحيات المنصوص عنها دستوريا، والمدعمة بقرارات من أعلى المراجع الدستورية في البلد بما يوجب القيام به ضمن فترة تصريف الاعمال”.
وكررت المصادر “التأكيد ان عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية ليس مسؤولا عنه رئيس الحكومة او الحكومة، بل النواب بالدرجة الاولى والقيادات الزمنية والروحية المعنية بشكل مباشر بالدفع لملء شغور كرسي الرئاسة، وعدم السماح بافتعال معارك جانبية مع الحكومة التي تسيّر شؤون البلد والعباد”.
وأكدت الأوساط “أن رئيس الحكومة سيدعو مجددا الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل لبحث ملف التقديمات الاجتماعية وملف المصارف، وليتحمّل الجميع مسؤوليتهم في التعاون لاقرار ما يمكن اقراره ويجب الاسراع في بته، وفي حال اصر البعض على التعطيل “مدعوما” بمواقف من هذا الفريق او ذاك، او “بقبة باط امنية” كما حصل بالامس، فعندها تقع المسؤولية، ليس على رئيس الحكومة بل على المشاركين المباشرين وغير المباشرين في التعطيل”.
وختمت الاوساط بالتذكير بما اعلنه رئيس الحكومة من السرايا امس حيث قال: السلبية لن توصل الى اي نتيجة، وسنظل مستمرين في عملنا، ومحكومين بتصريف الأعمال بالطريقة الفضلى. واذا لم نتمكن من إعطاء الزيادات والحوافز المطلوبة للقطاع العام، فاحذر بانه على كل طرف ان يتحمل مسؤوليته. واذا لم تفتح ابواب وزارة المالية سريعا، فلن نتمكن من تأمين الرواتب في اخر الشهر بسبب عدم وجود موظفين، ورغم وجود الاموال اللازمة للرواتب.
نحن نعرف أن الوضع المعيشي صعب ولكننا محكومون بسقوف معينة من الانفاق لا نستطيع تجاوزها. لقد وُضعت سقوف معينة تمكنا من رفعها الى حد ما ولكن بعد الآن لن اقبل بأن ندخل في مرحلة من التضخم الكبير التي لن تمكن احدا من الاستفادة من الزيادات لاننا نكون بذلك اعطينا الزيادات بيد واخذناها باليد اخرى. اعلن تأجيل جلسة مجلس الوزراء، وسأدعو الى جلسة أخرى في مطلع الأسبوع المقبل”.