كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: لم يكن ينقص حزب الله سوى المواقف الأخيرة للتيار الوطني الحر، ليكتمل المشهد الداخلي المعارض لتدخّله في حرب غزة، وتالياً لتحقيقه أرباحاً صافية منها.
عادةً، يحاول الحزب تخفيف خسائره الداخلية وتقليص معاركه في الداخل عند أي استحقاق إقليمي كبير مثل الذي يحصل في غزة. ومع ذلك، هناك تساؤلات حول السبب الذي جعله يقوم بخطوات ناقصة. فهو أصلاً يعاني من حجم ردود الفعل عليه من خصومه، وزاد عليهم بكركي التي انفجر الخلاف معها رغم وساطات ولقاءات جانبية، ثم التيار بعد «الإمعان» في مسار «الانقلاب» عبر الحكومة ومبدأ قيامها بالتعيينات، الى التمديد لقائد الجيش، ثم تعيين رئيس الأركان. والأهم أن الحزب، في لحظات مفصلية، انحاز الى الرئيس نبيه بري، وإلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وإلى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. ورغم اختلاف مواقع الثلاثة وتأثيراتهم في مرحلة التفاوض الداخلي، إلا أن الغطاء المسيحي الواسع لم يعد مؤمّناً في علاقة حزب الله بالمكوّنات المسيحية، والتي كان التيار بوصفه الأكثر تمثيلاً – وهنا الأهم شعبياً – قادراً على أن يحققها كما فعل في حربَي تموز وسوريا، وتحديداً حرب سوريا التي كان العماد ميشال عون مدافعاً أول عن الحزب فيها. الأكيد أن حرب غزة ستنفتح عاجلاً أو آجلاً على مفاوضات، ومنها ما يتعلق بترتيبات داخلية تشمل كل المستويات. ما يقوله حزب الله اليوم وما يفعله لم يعد يتعلق بخصومه. وهم وإن لم يكونوا على ثقة كاملة بالتيار الوطني، بعد تجارب سابقة، إلا أنهم يلاحظون أن الأخير لم يتراجع منذ أشهر عن السقف الذي رفعه، ولو كلّفه العلاقة مع الحزب. فكيف الحال إذا كان الحزب هذه المرة هو الذي تخلّى عن التيار، وأن الأخير بات يعطي للواقع المسيحي في علاقته مع حزب الله بعداً آخر، يتعدّى التوظيف والمحاصصة التي كانت تؤمن له مصالحه. وهذا ما يجعل اليوم التالي لغزة، لبنانياً، يفرض واقعاً تتراكم فيه نتائج الخطوات التي اتخذها الحزب تجاه حلفائه وخصومه. وبين الثقة الزائدة لدى الحزب بأنه سيقبض ثمن حرب غزة، واطمئنان خصومه إلى أن الواقع الإقليمي والدولي لن يغطي هذا الثمن، وصلت الهوّة بين الحزب والمكوّنات المسيحية الى مستوى لم يسجّل منذ ما قبل عام 2005.