لا مؤتمر لدعم الجيش قبل التسوية

25 فبراير 2024
لا-مؤتمر-لدعم-الجيش-قبل-التسوية
لا مؤتمر لدعم الجيش قبل التسوية

 كتبت سابين عويس في” النهار”: هل تسرّعت باريس في الإعلان عن استضافة مؤتمر لدعم الجيش في السابع والعشرين من الشهر الجاري، ما أدّى إلى تأجيله إلى أجل غير مسمّى، أم ثمة معطيات أو حسابات دفعت العاصمة الفرنسية إلى هذا الإعلان بغضّ النظر عن أجندات الدول المعنية بالملف اللبناني عموماً وبملف قيادة الجيش على وجه الخصوص، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية؟

المبادرة الأخيرة في الإعلان عن مؤتمر دولي لدعم الجيش تستضيفه باريس، اصطدمت بدخول أميركي على الخط حال دون المضيّ في المبادرة، إذ وُلدت ميتة في الواقع، بعدما تبيّن أن الدعوة لم تترجم على المستوى التنظيمي، بحيث لم توجه دعوات رسمية إلى أي جهة لبنانية، مدنية كانت أو عسكرية. فلا وزارة الخارجية والمغتربين تبلغت أي دعوة، ولا حتى قيادة الجيش المعنيّة المباشرة والأولى في هذا الموضوع، علماً بأنه لم يصدر أي موقف أو بيان يحدد نوعية المشاركين في المؤتمر ومستوى التمثيل وهل يكون على مستوى وزراء خارجية الدول العربية والغربية التي ستوجه إليها الدعوات للمشاركة أم على مستوى قادة الجيوش في هذه الدول، الأمر الذي دفع مراقبين في بيروت إلى القول إن الإعلان الفرنسي لم يكن إلا في إطار جسّ النبض قبل المضيّ في المشروع.

العامل الثاني الذي يمكن أن يكون أثّر في الدفع الفرنسي يكمن في إدراك باريس، كما واشنطن، أن الجيش سيكون أمام تحدّ كبير مع اقتراب انتهاء مهلة الدعم المالي له بنهاية آذار المقبل، فيما هو اليوم أمام اختبار مدى جهوزيته لوجستياً وعتاداً لتولّي أمن الجنوب تنفيذاً للقرار الدولي ١٧٠١. هذا العامل الذي يشكل مفصلاً أساسياً لن تتبلور ملامحه ومصيره قبل أن تتبلور ملامح التسوية المقبلة، التي ترفض واشنطن أي شريك لها فيها. من هنا يبدو جلياً أن القرار بدعم الجيش في الشكل الذي يسمح له بتولي هذه المهمة لم يصدر بعد، من دون أن يعني ذلك وقفه أو سحب اليد من المؤسسة العسكرية أو رفع الغطاء الدولي عنها، كما تردد أخيراً في الأوساط اللبنانية الساعية إلى فهم حقيقة الموقف الأميركي في ظل ما يتردد عن تباينات مع دول الغرب ولا سيما فرنسا. فواقع الأمر أن قرار الدعم الدولي للجيش ثابت ولا تراجع عنه كإحدى أكثر الوسائل نجاعةً لحماية الاستقرار الداخلي. وهو مستمر اليوم عبر الدعم المالي الذي تقدّمه قطر بإيحاء أميركي منذ أشهر، ولغاية نهاية آذار المقبل، فضلاً عن دعم بالمحروقات، وذلك بعدما أوقفت واشنطن بناءً على ضغط الكونغرس المساعدات المالية المباشرة.

هذا لا يعني أن المؤسسة العسكرية لن تكون أمام تحدّ واستحقاق كبيرين بعد شهرين، إن لم يُمدَّد العمل بالمساعدة المالية، أو إن لم يتبلور مستقبل الدعم الدولي. وعلى هذا تردّ مصادر سياسية بالقول إن الأمر مرهون بتطور فصول التسوية ونضوج الحل الذي لم يحن أوانه بعد، كاشفة أنه يجري التحضير لمؤتمر لهذه الغاية يُعقد في روما على مستوى قادة الجيوش، لم يتبلغ لبنان تفاصيله بعد أو موعده، في انتظار استكمال التشاور الدولي في شأنه. وفي رأي المصادر، يمكن لهذا المؤتمر أن يكون البديل لمؤتمر باريس، بحيث يؤمن استمرارية الدعم للجيش ولا يعطي باريس أي رصيد أو أفضلية في شأنه.