كتبت سابين عويس في” النهار”: منذ أن تسرّب مشروع قانون هيكلة القطاع المصرفي، بدأت الاعتراضات عليه تأخذ منحى حملة ممنهجة، حتى بدا واضحاً أن التسريب كان متعمّداً ويرمي إلى إطاحة المشروع قبل عرضه على مجلس الوزراء. والمؤشرات على ذلك كثيرة أهمها أن المشروع الذي جاء تحت عنوان “معالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها” وُلد يتيم الأبوين بعدما تبرّأ منه واضعوه، أي مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وذهبوا أبعد في رمي مسؤوليته على نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، باعتبار أنه هو من رفعه إلى مجلس الوزراء، وأنه أسهم، عندما عُرض عليه، في وضع لمسات أخيرة قبل إحالته، علماً بأن الشامي بواقع تكليفه بإدارة الملف الاقتصادي، هو المعني برفعه إلى مجلس الوزراء، من دون أن يعني ذلك أنه هو الذي وضعه…
المؤشر الثاني تمثل في إيقاع الانتقادات والاعتراضات، وقد شاركت فيها أكثر من جهة، وصولاً إلى تطيير جلسة الحكومة بفعل تحرك العسكريين المتقاعدين. والهدف من تطيير الجلسة لم يكن ملف المتقاعدين بل ملف الهيكلة عينه.
هذا لا يعني أن المشروع سقط نهائياً، بل ستكون له جولات جديدة ستبيّن في الواقع مدى صدق النيّات لدى قوى السلطة في السير بمقاربة جدية لملف الودائع.
مع ارتفاع نبرة الانتقادات والاعتراضات، وهي في جزء كبير منها محقة، نظراً إلى الإجحاف والمخالفات التي اعترت المشروع، بدأت عملية التنصّل من مسؤوليته ، وعزز هذا الانطباع عدم تبنّي رئيس حكومة تصريف الأعمال #نجيب ميقاتي له، إذ عندما سئل عن تقاذف المسؤوليات بين وزارة المال والمصرف المركزي، أكد أن لا علاقة للوزارة بالمشروع، مشيراً إلى أنه لا يصبح من مسؤولية الحكومة ويتخذ صفة مشروعها إلا عندما يقره مجلس الوزراء، ويبدي الوزراء ملاحظاتهم ليأخذ بها المجلس. ذلك أن الملاحظات التي بدأت ترد الى رئاسة الحكومة من شأنها أن تضفي عليه الكثير من التعديلات، وتغيّره بالكامل، بحسب رأي ميقاتي الذي يتريث في الدعوة إلى جلسة حكومية حتى اكتمال وصول ملاحظات الوزراء، مما سيؤدي إلى إعادة صياغة المشروع، كما أفاد مصدر وزاري مطلع.
أما اتهام الشامي بالتنصّل من مسؤوليته فيرد المصدر بالقول إن الرجل كان واضحاً عندما أعلن أن المشروع هو نتيجة جهد مشترك، مشيراً إلى أن الجهة التي أعدّته هي التي تتنصّل منه، علماً بأنها المعنيّة الاولى بهذا الموضوع. فالشامي كان قد أبدى ملاحظات أُخذ ببعضها ولم يؤخذ بالبعض الآخر، علماً بأنه كان أشاد ببعض الأفكار التي أدخلت عليه ودافع عنه في وقت سابق.
المفارقة، كما قال ميقاتي في وقت سابق، أن الاعتراضات دائمة ولكن لا بدائل، وإن كان لدى أي جهة أفكار أفضل فليتقدم بها.
المصدر يدعو إلى البحث عن الاتصال السياسي الذي عطل مسار المشروع، لتبيان ما سيكون مصيره في الأيام القليلة المقبلة!