في الايام القليلة الماضية باتت التهديدات الاسرائيلية اكثر وضوحاً، بمعنى ان المسؤولين العسكريين والسياسيين الاسرائيليين بدأوا يهددون لبنان بتصعيد واضح المعالم، وتحديداً بتوسيع نطاق الضربات الجوية وتكثيف الاستهدافات، ما يعني أن مستوى الحرب او المعركة الذي كان سائداً في الاشهر الماضية لن يستمر في الايام المقبلة بل ستدخل الجبهة في ما يمكن تسميته بالايام القتالية التي يكون فيها الاستهداف أكبر والمعركة أوسع.
لقد استخدمت اسرائيل في السابق مصطلح ايام قتالية بشكل واسع، بمعنى الذهاب الى شبه حرب كاملة الأوصاف، لكن ضمن هامش زمني محدود، يتوصل فيها الطرفان الى اتفاق ما، وتظن تل ابيب انها قادرة من خلال هذا النوع من الحروب على تحسين شروطها في المفاوضات وعلى اعادة “حزب الله” سنوات الى الوراء من خلال استهداف مخازن الصواريخ الدقيقة او المسيرات او اي امكانات استراتيجية.
من وجهة نظر اسرائيلية فإن هذه المعركة، ضمن محدوديتها الزمنية، ستمنع الحزب من الاستفادة من قدراته التدميرية، ولن يكون قادراً على ايلام اسرائيل بالقدر الذي ستؤلمه هي فيه، على اعتبار ان طول مدة الحرب يساعد الحزب على استنزاف اسرائيل واحراجها بالقيام بعملية برية ستكون بمثابة فخّ لها. هكذا يصبح توسيع وتكثيف الاستهدافات في هذه المرحلة من المعركة هدفا بحد ذاته، خصوصا ان تل ابيب تعتبر ان الحزب غير راغب بالتصعيد وسيبتلع الضربات قدر الإمكان.
لكن، قد لا تكون للمخطط الاسرائيلي فرص كبيرة للنجاح خصوصا أن المعركة مفتوحة منذ عدة اشهر، وان قدرة “حزب الله” على اعادة نقل مخازنه وامكاناته ومعالجة الخروقات التي ظهر بعضها للعلن في المرحلة الماضية، كبيرة جداً وفق التجارب السابقة، وعليه فإن توقع نتائج كبرى من مثل هكذا استهدافات قد يكون مبالغاً فيه، والأهم هو قدرة الحزب على توسيع دائرة النار، لان حسم فكرة ان حارة حريك ستحتوي التصعيد قد لا يكون دقيقا.
وبحسب مصادر مطلعة فإن “حزب الله” كان قد اوحى سابقاً في اكثر من تصريح لأمينه العام أنه لن يقبل بفكرة الايام القتالية، وان الحرب التي تبدأها إسرائيل لن يكون بيدها وضع النقاط النهائية لها، وعليه فإن التصعيد الحالي الذي بدأ من التهديدات الاسرائيلية واسقاط المسيرة من قبل “حزب الله” ومن ثم استهداف بعلبك قد يجر المعركة الى حرب شاملة في حال لم تستطع القوى المعنية وضع حدود حاسمة لنفسها، تمنع من خلالها التدحرج غير المحسوب.
قد تكون الساعات او الايام القليلة جدا المقبلة حاسمة في وجهة التطورات في الجبهة اللبنانية، خصوصا ان جس النبض بين الطرفين وصل الى حدود كسر الخطوط الحمر، فالحزب بات يستهدف “درة تاج سلاح المسيّرات” ويسقطه واسرائيل استهدفت منطقة بعلبك في العمق اللبناني بعد يوم واحد من استهداف القصير، فهل نكون امام تطورات متسارعة ام مجرد تطور بسيط في مسار المعركة يدخل في الستاتيكو مع مرور الايام؟