لا تزال الأنظار متجهة الى النتائج التي ستفضي إليها المفاوضات القائمة على خط باريس – القاهرة – الدوحة بين الحكومة الإسرائيلية وحماس في ظل ترقّب داخلي لقرار وقف إطلاق النار في غزة علّه ينعكس تهدئة على الجبهة الجنوبية في ظل تصاعد وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال. وأشار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حديث لـ «رويترز» أمس، إلى أن «هناك حديثاً جدياً قد يكون مطلع الأسبوع المقبل عن وقف العمليات العسكرية في غزة يسمّى «تفاهم رمضان»، وأكد بأن وقف القتال في غزة سيطلق المحادثات حول التهدئة في لبنان.
وتوقع ميقاتي محادثات لأسابيع لتحقيق «استقرار طويل الأمد» في جنوب لبنان بمجرد التوصل إلى اتفاق غزة، وأكد بأنه «يثق أن حزب الله سيوقف إطلاق النار إذا فعلت «إسرائيل» الشيء نفسه». وكشف بأن «المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين سيزور لبنان قريباً».
ونقلت«نداء الوطن» عن مصادر ديبلوماسية ان مسؤولين عربا وغربيين اعربوا عن «خشيتهم من تدهور الوضع في الجنوب وانعكاساته على المنطقة باعتبار أنّ اندلاع شرارة الحرب في لبنان ستنعكس على العراق والمنطقة ككل». ولمست المصادر «وجود توافق دولي على أنّ مفتاح الحل لكل ذلك هو وقف الحرب على غزة». غير أنّ المصادر قالت: «إنّ المعلومات لا تزال متناقضة حول التوصل الى هدنة قريبة في غزة».
وكتبت” الاخبار”: توقّفت حركة الموفدين الغربيين إلى لبنان بعدَ أن اقتنع الجميع باستحالة فصل جبهة الجنوب عن ما يحصل في غزة، وعدم إمكانية التوصل إلى أي اتفاق بشأن لبنان قبل توقف العدوان على القطاع. وفيما تتركّز الأنظار على المفاوضات الجارية حول هدنة في غزة، أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس أن «المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين سيزور لبنان قريباً»، حيث إن «هناك حديثاً جديّاً قد يكون مطلع الأسبوع المقبل عن وقف العمليات العسكرية في غزة تحت مسمى تفاهم رمضان». وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطّلعة إن «زيارة المبعوث الأميركي للبنان غير مؤكّدة ولا يوجد موعد محدّد لا قريب ولا بعيد. الأمر كله مربوط بالهدنة في غزة، فإذا لم تتحقّق فهوكشتين لن يزور لبنان».
وكتبت” النهار”: اكثر ما اثار المخاوف لدى الأوساط اللبنانية التي كانت تراهن على عد عكسي مقترب من نهاية إيجابية لجهود إحلال الهدنة، ان المجزرة التي وقعت امس في منطقة دوار النابلسي غرب مدينة غزة واودت بالعشرات الذين قتلوا بينما كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات من شأنها ان تعيد الوضع الكارثي برمته الى أسوأ درجات التصعيد في غزة بما سيستتبع حتماً تصعيداً واسعاً على الجبهة الجنوبية، علما ان هذه الجبهة لم تهدأ أساساً وتشهد اتساعاً خطيراً وسقوط مزيد من الضحايا المدنيين، وتواكب هذا الواقع توقعات متشائمة على غرار تلك التي ساقتها أوساط إعلامية وديبلوماسية أميركية في الساعات الأخيرة عن غزو إسرائيلي بري للبنان في الربيع في وقت كان فيه رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو يصعد نبرة التهديدات قائلا “سنضرب حزب الله ونقضي على مسؤوليه في جنوب لبنان“.
وكانت المحادثات المتعددة الطرف الجارية بين عواصم الوساطات الإقليمية لاحلال هدنة رمضان في غزة قد شكلت، أساساً لرهانات رسمية وسياسية لبنانية على تمدد الهدنة الى جبهة الجنوب خصوصا بعد صدور تأكيدات نسبت الى “حزب الله” ولم يكذبها او ينفها عن استعداده لوقف العمليات الميدانية ووقف النار حال اعلان “حماس” في غزة موافقتها على وقف القتال هناك.
ونقلت” الديار” عن مصادر مقربة من حزب الله الى ان المقاومة ستوقف اطلاق النار على الجبهة الجنوبية في حال حصول هدنة في غزة، واشار الى انها في الوقت نفسه غير معنية بالتوقف كثيرا عند خلفية التسريبات الاميركية، فاذا كانت للضغط في اطار الحصول على تنازلات سياسية او امنية جنوبا، فهذا الامر لن يحصل وهم يعرفون ذلك جيدا. اما في حال كان التهديد جديا فلن يكون اي اعتداء نزهة، وهم يعرفون ذلك ايضا، وما خفي لدى المقاومة من قدرات تسلحية «اعظم» ولا يمكن ان يتخيله قادة الاحتلال، والمقاومة جاهزة لكافة السيناريوهات وقيادة الاحتلال تعرف انها فقدت منذ الـ 8 من تشرين الاول عنصر المفاجأة بينما لا تزال لدى حزب الله الكثير منها. اما الكيلومترات التي يهدد الاسرائيليون بالتوغل فيها فستكون «مقبرة» لجنودهم، والحرب ستكون مفتوحة ودون «سقوف» كما وعد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. واذا كان المحلل العسكري الإسرائيلي في صحيفة «يديعوت احرنوت» يوسي يهوشع قد اشار الى إن بلاده ستنهي العام الحالي بـ 12 ألف جندي معاق بسبب الحرب على قطاع غزة، فان ما سيواجهه في لبنان سيضاعف هذا الرقم عشرة اضعاف واكثر، فضلا عن اعداد قتلى هائل، ودمار غير مسبوق في البنى التحتية على امتداد كيان الاحتلال.
وذكرت «البناء» أن الأميركيين يمارسون ضغوطاً كبيرة على مصر وقطر لممارسة الضغط على حركة حماس لتخفيض سقف مطالبها والقبول بهدنة مؤقتة مع تبادل كامل للأسرى وفق الشروط الإسرائيلية وتأجيل الملفات الخلافية الى وقت لاحق. إلا أن مصادر المقاومة أكدت بأنها لن تنجرّ الى أي اتفاق لا يراعي نتائج طوفان الأقصى وصمود المقاومة وتضحياتها الجسيمة وانتزاع ضمانات أمنية وإنسانية لأهلنا الصامدين في غزة والضفة الغربية.
الحركة الديبلوماسية
في أي حال لم تغب المخاوف عن الحركة الديبلوماسية المتواصلة التي تشهدها بيروت وكان من ابرز زوارها امس وزير خارجية النمسا الكسندر شالينبرغ الذي جال على السرايا وعين التينة والخارجية. وأكد في محادثاته مع المسؤولين “أن الحل الديبلوماسي للوضع في المنطقة هو الخيار الافضل للجميع”. وشدد على “ضرورة التوصل الى حل دولي للقضية الفلسطينية يضمن حق الفلسطينيين في العيش الكريم ، بما يساهم في ارساء الاستقرار في المنطقة”. واشاد الوزير النمسوي ب”الدور المهم الذي تقوم به القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان”، داعيا “الجميع الى تطبيق القرار الدولي الرقم1701 بما يحفظ الامن في جنوب لبنان“.
كذلك زار بيروت كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المارشال مارتن سامبسون وجال على رئيسي المجلس والحكومة ووزير الدفاع والوفد المرافق حيث جرى عرض للاوضاع العامة في لبنان والمنطقة لا سيما الميدانية وأطلعهم على اجواء الجولة التي يقوم بها في المنطقة في اطار مساعي التهدئة واعتماد الحلول الديبلوماسية وايجاد حل دائم للقضية الفلسطينية. ولوحظ ان زيارته لبيروت جاءت عقب اثارة النظام السوري عبر رسالة احتجاجية إلى الحكومة اللبنانية موضوع أبراج المراقبة التي أقامتها بريطانيا لمصلحة الجيش اللبناني على الحدود الشرقية للبنان مع سوريا، واقتراح بريطانيا إنشاء أبراج مماثلة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في الجنوب.