كل هذه الاسئلة باتت مطروحة في ظل سعي اميركي واضح لمنع التصعيد، خصوصا ان الاميركيين يستنفرون سياسياً وديبلوماسياً في كل مرة تقوم بها اسرائيل بضربة غير متوقعة تتخطى فيها الخطوط الحمر مثل القصف الذي استهدف منطقة بعلبك او استهداف المدنيين في مدينة النبطية، لكن من الواضح ان التهديدات الاسرائيلية لا تخرج من اطار التهويل اذ ان الواقع العملي والميداني لتل ابيب يظهر عدم قدرتها على الذهاب الى حرب كبرى مع لبنان.
وبحسب مصادر مطلعة فإن الذهاب الى استمرار المعركة مع “حزب الله” يعطي نظريا اسرائيل مكاسب واضحة من وجهة نظرها، اذ ان تل ابيب تعتبر ان الواقع الامني والعسكري في غزة وضع على طريق الحل وان الخطر الذي يشكله القطاع قد زال حتى سنوات طويلة، لكن لا يمكن حل مسألة غزة وترك لبنان الذي يشكل التهديد الفعلي لاسرائيل لان الامر سيعني ان تل ابيب قررت التعايش مع فكرة قيام الحزب بعملية عسكرية مفاجئة في اي وقت يريد.
كما ان تل ابيب تريد الضغط من اجل الوصول الى تسوية مستدامة مع لبنان تؤدي الى استقرار حقيقي، خصوصا انها وبعد كل استعداداتها للحرب مع لبنان دخلت في مستنقع غزة، في الوقت الذي يحافظ فيه الحزب على نفسه سليما بشكل كبير، كبنية عسكرية وبنى تحتية، وهذا يعني ان توقف الحرب والمعارك من دون تسوية تفرض بالنار، سيؤدي الى تعاظم قدرة الحزب بشكل سريع في الوقت الذي ستكون فيه اسرائيل منهكة بترمم جيشها واعادة تشكيل الويتها المتضررة من العملية البرية في غزة.
لكن في الوقت نفسه لا يبدو هذا الامر سهلا، لان استمرار الحرب على جبهة لبنان قد يؤدي الى توسعها نوعيا لان اعتبارات “حزب الله” سيتصبح مختلفة، وسيكون متحررا امام الرأي العام خصوصا اذا اوقف اطلاق النار من جانب واحد بعد الهدنة في غزة واستمرت اسرائيل بإستهدافاتها، وعندها سينقلب السحر على الساحر ولن يكون الحزب قادرا على القبول بأي تسوية سياسية وحدودية لا تضمن مصالحه المباشرة، ما يعني انه سيحصل على مكاسب اضافية تحرر حركته جنوبا.
وترى المصادر ان الولايات المتحدة الاميركية تضع ضوابط كبرى على فكرة التصعيد ضد لبنان، وعليه فإنها لن تسمح لاسرائيل بالذهاب الى فصل جبهة لبنان عن غزة في حال الوصول الى وقف اطلاق نار ولن تكون اسرائيل قادرة على خوض هكذا حرب من دون دعم علني وواضح، سياسي وعسكري من واشنطن، وعليه فإن التهديدات الاسرائيلية لا تخرج من كونها عملية تحسين لظروف التفاوض الحالية..