مكاسب حزب الله في التسوية المفترضة.. داخلية ام استراتيجية؟

2 مارس 2024
مكاسب حزب الله في التسوية المفترضة.. داخلية ام استراتيجية؟

داخل الاوساط السياسية المعنية بالملف الحدودي هناك نظرية سياسية تتحدث بشكل جدي عن إمكانية استمرار الحرب بين لبنان وإسرائيل حتى بعد التوصل الى هدنة في قطاع غزة، وهذه النظرية التي تحصل على تأييد متزايد في داخل إسرائيل، ترتكز على قاعدة الاستمرار بالاستنزاف من دون الذهاب الى حرب شاملة، على اعتبار أن المعركة وفق طبيعتها الحالية تمكن اسرائيل من استهداف عدد كبير من قياديي وكوادر الحزب وربما اكتشاف مخازن صواريخه.

لكن بالرغم من هذه النظرية، وحتى لو كانت نظرية واقعية ودخلت حيّز التطبيق، فإن نهاية المعركة سيوصل إلى تسوية مرتبطة بالحدود والحرب والازمة السياسية والاقتصادية في لبنان، لذلك فإن حارة حريك تؤجل الحديث في أي مسألة داخلية الى حين إنتهاء المعركة، على اعتبار أن الحزب سيحقق مكاسب من كل ما يقوم به من عمليات عسكرية وسيكون قادراً على فرض جزء من شروطه خلال اي عملية تفاوضية في الاسابيع او الاشهر المقبلة.

السؤال الابرز الذي يفرض نفسه، والذي يقلق حلفاء “حزب الله” وخصومه، ماذا سيربح الحزب في التسوية وما هي المكتسبات التي سيحققها؟ وبحسب مصادر مطلعة فإن المكاسب التي ستكون حارة حريك قادرة على الحصول عليها هي مكاسب داخلية بغالبيتها، اذ ان التنازلات المطلوبة منه مرتبطة بواقع الحدود والصراع مع اسرائيل وعليه فإن ما سيعرض عليه هو اغراءات سلطوية وداخلية.

وتعتبر المصادر أن الحزب يعرف جيداً أن السلطة فخّ لا يستطيع تحمل اشكالياته في بلد مثل لبنان، لذلك فلن يكون مهتماً الا بتسوية تضمن لحلفائه نفوذاً اضافياً وانهاء الازمات السياسية التي تربكه منذ العام 2005، بمعنى آخر سيكون تكرار تجربة النفوذ السوري مستحيلاً بالنسبة لحزب الله، لكنه في المقابل يفضل ان يكون هناك مظلة للاستقرار السياسي والامني كتلك التي كانت سائدة منذ اتفاق الطائف وحتى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

عملياً، فإن ايصال رئيس للجمهورية متحالف مع الحزب سيكون احدى أبرز النقاط البارزة التي ستحصل عليها حارة حريك في حال حافظت على تقدمها التكتيكي والميداني خلال المعركة، لكن الى جانب الرئاسة ستكون التوازنات الحكومية ابرز نقاط الكباش، اذ ان الحزب يريد بشكل واضح تعزيز مكاسبه التي استحصل عليها في الدوحة في الوقت الذي كان خصومه يسعون الى تجاوز هذا الاتفاق والذهاب الى حكومات احادية خلال مرحلة 17 تشرين وما تلاها.

الاهم من كل ذلك هو الواقع الاقتصادي، فإحدى هموم “حزب الله” تتركز حول القضايا المعيشية واعادة ترتيب اوضاع البيئة الشيعية وتعزيز خدمات الدولة، لان الامر يخفف من الضغوط الشعبية، وهذا مكسب قد تكون الولايات المتحدة الاميركية تحديدا جاهزة لتقديمه لان فيه مصلحة مشتركة عبر التنقيب عن الغاز في اطار الاستغناء التدريجي عن الحاجة لروسيا.