إستراتيجياً.. كيف يبدو وضع حزب الله وسط حرب غزة؟

3 مارس 2024
إستراتيجياً.. كيف يبدو وضع حزب الله وسط حرب غزة؟

نشر موقع “chathamhouse” البريطاني تقريراً تطرق فيه إلى جبهة لبنان مع إسرائيل والحرب المشتعلة هناك.

ويقول التقرير إنه “يوم 25 شباط الماضي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيليّ يوآف غالانت أنّ إسرائيل ستواصل الهجوم على لبنان بغض النظر عمَّا يحدث في غزة، وبالفعل لا تزال الضربات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله مستمرة”.

وبدأت المواجهات بين الجانبين عقب هجوم حركة “حماس” الفلسطينية على إسرائيل يوم 7 تشرين الأول الماضي، ورغم أنَّ حزب الله احتفى ببعض النجاحات العسكرية خلال الأشهر الأربعة الماضية، فإن الحرب في غزة تختبر قدراته الإستراتيجية، بحسب ما قالت لينا الخطيب، وهي زميلة مُشاركة في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

أولويات حزب الله

تلفت الخطيب إلى أن “حزب الله هو الذي بدأ الصراع”، لكنه رغم ذلك فهو لا يُحدِّد جدول أعمال المعركة، وأولويته الأساسية هي الصمود لا تحقيق النصر.
وأشارت الباحثة إلى أنه خلال الأشهر الأربعة الماضية، سعى حزب الله إلى الموازنة بين الحفاظ على صدقيته بوصفه ممثلاً رئيساً في “المحور” المدعوم من إيران، وبين تجنب التصعيد مع إسرائيل، ويعود ذلك إلى إدراك حزب الله لضعف الرغبة في المشاركة في حربٍ شاملة بين مؤيديه، وأنَّ هذه الحرب ستضر بإيران ولن تخدمها.

إيران تسعى لتفادي الحرب

وبحسب الباحثة، فإن أي انتشار جديّ للحرب في لبنان يعني قتالاً إسرائيلياً على جبهتين، وهو ما يستلزم على الأرجح تدخل الولايات المتحدة لمساعدة إسرائيل،  وسيقرِّب هذا إيران نفسها من الحرب، وهو ما تحرص الأخيرة على تفاديه. 

وحاولت إسرائيل أيضاً تجنب هذا السيناريو، على الرغم من خطابها التهديدي، واستهدفت غالبية هجماتها على لبنان منذ تشرين الأول مواقع وأفراد حزب الله بعنايةٍ شديدة، مما كشفَ عن هشاشة جهازه العسكري والأمني، على حد تعبير الباحثة.

وفي الأسابيع الأخيرة، زادت إسرائيل نطاق هجماتها في لبنان، فضلاً عن توسيع نطاق الضربات في جنوب لبنان واستهداف القيادي في حركة “حماس” صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت. كذلك، شنت إسرائيل هجوماً على مواقع حزب الله في بعلبك بوادي البقاع في شرق لبنان لأول مرة خلال الأيام الماضية، كما استهدفت أيضاً قيادياً في حركة “حماس” يدعى باسل الصالح في منطقة جدرا بمحافظة جبل لبنان.

شكوى سورية

وجاءت هذه الهجمة بعد وقت وجيز من الشكوى التي تقدمت بها الحكومة السورية إلى لبنان بشأن أبراج المراقبة المُثبتة على الجانب اللبناني من الحدود مع سوريا. 

ونصت الشكوى على أنَّ أبراج المراقبة التي نصبتها المملكة المتحدة في عام 2014 لمساعدة القوات المسلحة اللبنانية على مكافحة التهريب كانت تُستخدم للمراقبة من جانب “طرف ثالث”، والمقصود إسرائيل.

وتُشير هذه الشكوى من أبراج المراقبة إلى قلق داخل سوريا بشأن توسُّع استخبارات إسرائيل إلى كل المناطق التي يعمل فيها حزب الله، سواء داخل لبنان أو خارجه. وحقاً تستهدف إسرائيل حزب الله وأهدافاً إيرانية داخل سوريا منذ ما قبل 7 تشرين الأول الماضي، وفق ما تقول الخطيب.

تصعيد خطاب التهديد

وإلى جانب النجاحات العسكرية المتفرقة، مثل إسقاط طائرة تجسس إسرائيلية مؤخراً، ردَّ حزب الله في الأساس على حملة إسرائيل الموسَّعَة في لبنان بتصعيد خطابه التهديدي، إذ حذَّرَ أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير يوم 16 شباط الماضي من أن إسرائيل ستدفع الثمن غالياً بسبب هجماتها على المدنيين اللبنانيين.

والموقف يمكن أن يتغير، برأي الباحثة، فقد حققت إسرائيل أهدافاً عسكرية مهمة في غزة بتدمير معظم قواعد حماس العسكرية وأمست آفاق وقف إطلاق النار أكبر.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يأمل في أن يُطبَّق وقف إطلاق نار مؤقتاً بحلول يوم الإثنين، وإذا امتد ذلك إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد، فلن تواجه إسرائيل بعد الآن حرباً على جبهتين، مما سيسمح لها بتحويل كامل انتباهها ومواردها لمواجهة حزب الله.

عاجز عن حماية المدنيين

ولفتت الباحثة النظر إلى أنه قد يزيد حزب الله أيضاً من هجماته على إسرائيل، غير أن عجزه عن حماية المدنيين في لبنان من الضربات الإسرائيلية سيعرقل تحركاته، مشيرة إلى عجز الحزب بالفعل عن تعويض الأسر المدنية اللبنانية المتضررة من العمليات الإسرائيلية المستمرة، على النقيض تماماً من حملة التعويض واسعة النطاق التي نفذها في أعقاب حربه مع إسرائيل عام 2006.

ففي تلك الفترة، سارعَ حزب الله إلى طمأنة مجتمع أنصاره ومؤيديه بأن منازلهم التي دُمِّرَت سيُعاد بناؤها، وأوفى بوعده إلى حدٍ كبير بفضل الدعم الإيراني وتمويل دول الخليج لعملية إعادة الإعمار في الجنوب، ورغم ذلك، فإن قدرة حزب الله على جذب التمويل لأنصاره لم تَعُد كما كانت من قبل، نظراً للأزمة المالية الطاحنة التي تعصف بلبنان، وتوقُّف المساعدات الخليجية غير المشروطة إلى لبنان بسبب أنشطة حزب الله، وفرض عقوبات غربية مُشددة على شبكات حزب الله وإيران المالية الدولية، بحسب الباحثة.

قيود على حزب الله

وحاليّاً، في ظل إحجام إيران عن المشاركة في حرب غزة وعدم تأكيد الدعم المحلي، فإن حزب الله مُقيَّد رغم ترسانته الكبيرة، خاصةً في ظل الهجوم الإسرائيلي الذي من المتوقع أن تتسع رقعته.
وبدلاً من ذلك، يركز حزب الله جهوده على محاولة الصمود في مواجهة الأزمة الراهنة دون أن يحاول توجيه الأحداث لصالحه، وفي الوقت الذي يحدّ فيه الحزب طموحاته، فقد تلمس إسرائيل فرصة سانحة.
وأوضحت الباحثة أن إسرائيل تمارس ضغوطاً على لبنان من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذي ينص على انسحاب قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني.