بعد الدواء والحليب والبنزين، دخل موضوع الطوابع الى السوق السوداء ومن الباب الواسع، حيث باتت له “مافيا” خاصة به تتحكم في معاملات الخلق والعباد، لا سيما مع اعادة فتح الدوائر الرسمية عقب انتهاء اضراب موظفي القطاع العام.
وكما الطابع المالي،كذلك طابع المختار الذي بات بدوره مفقوداً من الأسواق ما يؤخر معاملات المواطنين، خصوصاً وان المختار لا يحق له ان يشتري الطابع من المالية، وهي تباع عند أصحاب الرخص وصندوق الجمهور في المالية.
فما هو سبب اختفاء هذه الطوابع من الأسواق؟
سؤال حملناه الى مدير الخزينة في وزارة المالية اسكندر الحلّاق الذي شرح عبر “لبنان 24” بالتفصيل ما يجري، حيث يؤكد ان هذه المشكلة قديمة جديدة، في حين ان وزير المالية وجه كتاباً الى وزير الداخلية للتحقق من بيع الطوابع في السوق السوداء، خصوصاً وانه لا يوجد مخزون للطوابع في المالية، مشيراً الى انه استلم عند وصوله الى منصبه 50 مليون طابع مالي، في حين انه كان يوجد في الوزارة مليون ونصف المليون طابع، وقد تم تسليم أصحاب الرخص ما يقارب الـ48 مليون طابع ليصار الى بيعها في الاسواق، وابقينا 3 مليون ونصف مليون طابع في عهدة وزارة المالية.
وتابع: “هذه الطوابع التي تم تسليمها الى أصحاب الرخص، باتت اليوم توزع في السوق السوداء، وبالقرب من المديريات والوزارات ومراكز المحافظات، وفي ظل صعوبة اتخاذ اي اجراء قانوني بحق أصحاب الرخص، تمكن فرع المعلومات من جمع المعلومات المتعلقة بهم، ومن اصل 1600 رخصة تمكنت وزارة المالية من تجميد 1200 رخصة، في حين لا تزال 400 رخصة تعمل في السوق، وعليه طلبنا تحديث الملفات للتأكد من حقهم في بيع الطوابع، خصوصاً وان العديد منهم يخالفون شروط الرخصة وليس لديهم اماكن لبيع الطوابع.
الوزارة تتحرك
في هذا الوقت، يتابع الحلاّق، “وضعت وزارة المالية تقريراً وتقدمت به لمجلس النواب، وتحديداً للجنة الدفاع والداخلية، وعلى اساسها تم تسطير اخبار للنيابة العامة المالية تم فيه شرح كافة جوانب قضية فقدان الطوابع من الاسواق، كما تم وضع برامج توزيع اي ما يوازي 50 مليون ليرة طوابع، أي ما يقارب الـ 7 الاف طابع شهرياً.”
وشدد الحلاّق على أن الحل لهذه الازمة هو بتوقيف كل الرخص الممنوحة الى أصحاب الرخص، او اغراق السوق بالطوابع او دفعها نقداً عند اجراء المعاملة، مشيراً الى ان مطبعة الجيش، المتخصصة باصدار الطوابع ليس لديها طوابع للتوزيع وكل ما هو موجود في الوزارة هو 3 مليون ونصف المليون طابع”، ومن هنا أبلغت وزير المالية وتم الاتفاق على اصدار اشعار تسديد /ص 14/ يدفع عند اتمام المعاملة بدل الطابع المالي، وقد ابدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ترحيبه بهذه الخطوة، وأصدر تعميماً قضى بموجبه باستبدال الطابع الورقي باشعار تسديد ص14 عوضاً عن الطابع.
واذ اكد الحلاق ان العديد من الادارات ابدت استعدادها وتعاونها في هذا المجال، فإن البعض لا يلتزم بهذا القرار ويطلب من المواطنين احضار طوابع مالية لاتمام المعاملة، ما يخالف تعميم رئاسة الحكومة ووزارة المالية ويشجع على التوجه الى السوق السوداء للحصول على الطابع.
ولفت في هذا المجال، الى ان وزارة المالية، ونظراً لاصرار بعض الادارات على الطابع، وضعت ما يسمى بصندوق الجمهور، الذي يسمح للمواطن بالحصول على الطابع بسعره الرسمي على ان يتم تقديم الطلب الى الوزارة والحصول على رقم تسلسلي في حال ضرورة الملاحقة القانونية.
حلول اخرى على الطاولة
وشدد الحلاّق ان وزارة المالية لم تكتف بهذا الأمر، بل ان مديرية الخزينة في الوزارة طلبت السماح لها باصلاح ماكينات الوسم الموجودة في مخازن الوزارة، ووضعها قيد الاستعمال، لتكون ايضاً بديلاً عن الطابع المالي، وقد تم هذا الأمر من دون ترتيب اي تكاليف على الوزارة وبدأ استعمالها في الدوائر الـ18 لوزارة المالية في المحافظات والاقضية، مؤكداً ان كل هذه الاجراءات ستؤدي الى خسارة المحتكرين في السوق السوداء.
أما في ما خص “طابع المختار”، فهذا الطابع هو نوع من المساعدة المالية للمختار، وارباحه توضع في صندوق المخاتير، على حدّ تعبير حلاّق، حيث كانوا يسددون 5000 ليرة لبنانية من كل معاملة لصالح هذا الصندوق، وقد تم الطلب بتعديل هذا الأمر بعد التعديلات المالية التي اقرتها الحكومة في الموازنة، مشيراً الى ان وزارة المالية اعطت الاذن لاصدار الطوابع المعدلة التي تعود للمختار، وتسليمها الى صندوق المخاتير في وزارة الداخلية الا ان الأمر يحتاج الى بعض الوقت لاتمامه.
اذا، ما بين المحتكرين والاجراءات الادارية البطيئة، الاضرابات التي لا تكاد تنتهي حتى تتجدد، يجد المواطن نفسه عالقاً في دوامة من الاحتكارات يصعب الخروج منها اذا لم تضرب الدولة بيد من حديد قاطعة كل انواع الاحتكارات والارباح غير الشرعية.