لا شك أن الهدنة في غزة اقتربت، وسط مساع عربية ودولية لدخولها حيز التنفيذ قبل شهر رمضان، حيث يصل وفدان من حركة حماس وإسرائيل القاهرة اليوم، لبدء جولة تفاوض جديدة غير مباشرة للتوصل إلى اتفاق على مدة الهدنة وإطلاق سراح الاسرى، كما يزور عضو مجلس الحرب الاسرائيلي بني غانتس واشنطن في توقيت مهم يتعلق بالمباحثات بشأن إبرام صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين إسرائيل من جهة وحماس من جهة أخرى.
وتقول مصادر متابعة أن “هناك ضغوطا أميركية على حكومة بنيامين نتانياهو لعدم التهور أكثر في العمليات العسكرية”، معتبرة “ان التهديدات الاسرائيلية للبنان والتي تشير إلى أن الهدنة في غزة لا علاقة لها بلبنان، ليست محل اهتمام، خاصة وأن إسرائيل ترغب بتوسيع الحرب مع لبنان لكنها غير قادرة، في حين أن حزب الله قادر على مواجهة اسرائيل بقدرات عسكرية هائلة لكنه لا يرغب”. وترى المصادر” أن هذه المعادلة كفيلة بتبيان المشهد في المرحلة المقبلة بعيدا عن التهويل والتهديد بحرب في الربيع او مطلع الصيف”.
وإلى أن يحين موعد الهدنة، فإن الأنظار تتجه إلى زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت غدا الاثنين حيث يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لاستكمال البحث في أهمية التهدئة في الجنوب وتجنب التصعيد، لاسيما وأن الهدنة في غزة ستدخل حيز التنفيذ الاسبوع المقبل.
وتعتبر مصادر مطلعة أن مباحثات هوكشتاين ستكون محصورة بأهمية عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، في إطار الجهود الأميركية لتخفيف حدة التوترات على الحدود بين إسرائيل ولبنان وإعادة النازحين إلى قراهم الجنوبية والمستوطنين إلى مستوطناتهم، على أن يستكمل هوكشتاين في زيارات لاحقة العمل من أجل الوصول إلى حل لملف الجنوب بمرحلتيه الثانية والثالثة.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قد كشف لـ”رويترز” قبل ايام عن زيارة قريبة لهوكشتاين إلى بيروت، معلناً أن الهدنة التي قد تبدأ في قطاع غزة الأسبوع المقبل ستؤدي إلى محادثات غير مباشرة لإنهاء القتال على طول الحدود الجنوبية للبنان، وشدد وهوكشتاين على هامش مؤتمر ميونخ على تأكيد الحاجة إلى حلّ ديبلوماسي دائم يساهم في تحقيق الاستقرار الدائم في الجنوب.
كل ذلك يفترض أن يواكب بحراك جدي لانتخاب رئيس للجمهورية، وبدا لافتاً أن سفراء لجنة الخماسية الذين التقوا الرئيس ميقاتي يوم الخميس، قرروا استئناف جولاتهم على الكتل النيابية والقيادات السياسية، من دون أن يعني ذلك أن زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان باتت قريبة، فهي تبقى رهن الوصول إلى اتفاق بين أعضاء الخماسية ووصول سفرائها إلى نتيجة ملموسة. وتعتبر مصادر متابعة للقاءات السفراء، أن الحراك الراهن ايجابي لكنه لا يبشر بأي تقدم يمكن البناء عليه، وما يقوم به هؤلاء هو محاولة خلق أرضية مناسبة للحل تكون جاهزة عندما تنضج ظروف الانتخابات الرئاسية. وتشدد المصادر على أن السفراء لم يطرحوا خلال لقائهم الرئيس نبيه بري او الرئيس ميقاتي فكرة الخيار الثالث ولم يدخلوا بالأسماء.
إلى ذلك، يفترض أن تلتقي “كتلة الاعتدال الوطني” رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد يوم الاثنين، وتقول مصادر مقربة من الحزب أن الاخير منفتح على كل المبادرات الحوارية وهو يتعاطى بايجابية مع دعوات الحوار وكان أول من أيد ودعم مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لحوار يسبق انتخاب رئيس، لكن الحسابات السياسية عند بعض القوى عطلت الحوار.
وتشدد المصادر على أن حزب الله يبدي اهتماماً كبيراً بضرورة التفاهم الوطني لانتخاب رئيس قبل جلسة الانتخاب، وفي الوقت نفسه لن يقبل ان يذهب البعض إلى ربط الحوار بخيارات غير مقبولة.
وبحسب المعلومات، فإن رئيس مجلس النواب أبلغ “كتلة الاعتدال الوطني” أنها في حال توصلت في جلسات التشاور إلى التوافق على اسمين أو ثلاثة، يتم الذهاب مباشرة إلى جلسة انتخاب رئيس مفتوحة متعدّدة النصاب، على أن يبقى النصاب الأول قائما أي 86 نائباً.