نشر موقع “الميادين نت” مقالاً تحت عنوان: “الوجه الآخر للحرب الإسرائيلية على لبنان”، وجاء فيه:
منذ السابع من تشرين الأول، لم تتوقف التهديدات الإسرائيلية بشنّ حرب على لبنان، لإقامة منطقة عازلة ولإبعاد حزب الله عن الحدود، كما يحد الإسرائيلي في الأهداف التي يرمي إليها من تلك الحرب.
ومؤخراً، نقلت شبكة “سي أن أن” عن مسؤولين في الإدارة الأميركية أن هناك قلقاً أميركياً من خطط إسرائيلية لتوغل في لبنان في الربيع أو الصيف القادم، إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في دفع حزب الله إلى التراجع عن الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
ونقلت الشبكة عن مسؤول وصفته بالمطلع، أن “الإدارة تعمل على افتراض حدوث عملية عسكرية إسرائيلية في الأشهر المقبلة”، وأردف قائلاً: “ليس بالضرورة أن يحصل التوغل خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ولكن ربما في وقت لاحق من هذا الربيع”.
ولا شكّ أن تلك التسريبات الإعلامية تحاول أن ترفد التهديد الإسرائيلي بتوغل برّي للضغط على لبنان لتقديم تنازلات، بحرب نفسية وإعلامية تهدف إلى استخدام كل عناصر الضغط الخارجية العسكرية والدبلوماسية على لبنان، بالإضافة إلى الضغط الداخلي السياسي والاجتماعي والاقتصادي لتحقيق أهداف الحرب من دون خوضها، وذلك تطبيقاً لمقولة شهيرة للمفكر العسكري الاستراتيجي الصيني صن تزو “في كتابه “فنّ الحرب”، أنَّ ” فنّ الحرب الأسمى هو إخضاع العدو من دون قتال”.
ولفهم ما تقوم به “إسرائيل” من حرب غير تقليدية بالتوازي مع الحرب العسكرية، تجب الإشارة إلى الأبعاد المتعددة التي تستخدمها “إسرائيل” في تلك الحرب، وهي:
1- البعد الإدراكي:
يضمّ هذا البعد الشخصيات التي تبث الشائعة أو الخبر أو التهديد، وتلك التي ترسلها، والتي تتجاوب معها وتنقلها. هذا البعد يركّز على فهم المجموعات والبيئات اللبنانية المتعددة، والتي تختلف وتتباين بحسب التصورات والمفاهيم والمعتقدات التي تعتنقها. وعلى هذا الأساس، يركّز الإسرائيلي على السياقات الثقافية والدينية والتاريخية للمجموعات اللبنانية، لتسويق السردية الإسرائيلية التي تناسب تلك البيئة فتنقلب على حزب الله، أو لترهيب بيئة المقاومة أو لجعل هذه البيئات جميعها مشاركة في الحرب النفسية الإسرائيلية على حزب الله.
يتطلب النجاح في هذا البعد فهماً للجمهور المستهدف، واختيار الأساليب الأمثل والمفردات المناسبة والشخصيات التي يمكن لها اختراق العقل الجمعي للجمهور، حيث يكون لكل بيئة وجمهور، مفرداته، ووسائله وأشخاصه الحقيقيون أو الافتراضيون الذين يستطيعون الوصول إليه وتوزيع المعلومات التي تكون أحياناً مضللة، أو كاذبة أو جزءاً من الحرب النفسية الإسرائيلية.
2- البعد المعلوماتي
وهو البعد الذي يحتوي على الداتا والصور والمعلومات، والذي تقوم فيه إسرائيل بتحديد المعلومات والرسائل التي تريد بثها سواءً مباشرة أو عبر وكلائها وعملائها داخل لبنان وخارجه. وفي هذا البعد أيضاً تعمل إسرائيل على جمع المعلومات من وسائط متعددة، سواء لفهم الجمهور أو للحصول على معلومات حساسة تستخدمها في حربها العسكرية ضد حزب الله، وفي حربها النفسية ضد اللبنانيين.
3- البعد الإعلامي- وسائل التواصل والإعلام التقليدي
يلعب الإعلام دوراً أساسياً في الحرب غير التقليدية التي تقوم بها إسرائيل سواءً ضد لبنان أو ضد الفلسطينيين في غزة. كذلك، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً فعّالاً في تلك الحرب، والتي تستطيع من خلالها إسرائيل اختراق البيئات المختلفة، والتخفي تحت أسماء مستعارة، والوصول إلى الجمهور بطريقة أسهل مما يمكن الوصول إليه عبر وسائل الإعلام التقليدي.
ولا شكّ أن إسرائيل وعبر التطور التقني والتكنولوجي، تتقن استخدام العالم الافتراضي لتطبيق ما يسمى “الهندسة الاجتماعية” والتي تستخدمها لاستهداف الأفراد والمجتمعات ثقافياً وسياسياً، وتحاول من خلالها أن تمارس حرباً نفسية على اللبنانيين والفلسطينيين والعرب، للتشكيك في جدوى المقاومة، وإضعاف الروح المعنوية للأفراد والمجموعات.
لكن، تجدر الإشارة إلى أن “إسرائيل” لم تعد تحتكر هذا المجال، فلقد أظهرت حرب غزة الأخيرة أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت في هذه الحرب دوراً فعالاً ضد الدعاية الإسرائيلية، وفنّدت زيف تلك السردية وكشفتها أمام الرأي العام العالمي.
في المحصلة، لا بد للبنانيين والعرب معرفة هذه الأبعاد التي يمكن أن تستخدمها إسرائيل للتأثير في وعيهم الجمعي والفردي، ودفعهم إلى الانهيار الإدراكي الذي تكون معه الهزيمة من الداخل قبل أن تكون عسكرياً من الخارج. (الميادين نت)