كتبت بولا اسطيح في” الشرق الاوسط”: كانت الزيارة، التي قام بها وفد من «حزب الله» الى الرئيس ميشال عون، بمثابة محاولة لمراضاته وجمهور التيار، بعدما بات الحزب يفتقد أي غطاء مسيحي لحربه في الجنوب.
وعلى الرغم من التطمينات التي قدّمها الحزب إلى عون لجهة أنه يقوم بكل ما يلزم لمنع توسع الحرب، فإن مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» أكدت التمسك برفض مبدأ «وحدة الساحات».
وقال مصدر قيادي في «الوطني الحر» إن «العلاقة مع العماد عون والوزير باسيل هي نفسها، ومن يعتقد أن هناك تبايناً بينهما في وجهات النظر إنما هو واهم». ووضع المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الزيارة في إطار «أدبيات السياسة اللبنانية»، جازماً أنها «لا تغير شيئاً، لا بموقفنا ولا بموقفهم، وبخاصة مما يحصل في الجنوب». وأضاف: «جاءوا ليفسروا أنهم يحاولون استيعاب الوضع جنوباً وعدم تطور الأمور لحرب شاملة، لكن، بنهاية المطاف، فإن الكلام عن ترابط الجبهات غير مقبول جملة وتفصيلاً بالنسبة لنا».
وقال مصدر قريب من «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد «طمأن الرئيس عون للوضع في الجنوب وقدرات المقاومة التي لم تستخدم منها أكثر من 10 في المائة، ولكونها تقوم بكل المستطاع لعدم توسع الحرب… وقد عبّر عن ارتياحه لهذا الكلام». وأشار المصدر إلى أنه «تم التباحث بما حمله المبعوث الأميركي آموس هوكستين وهو مرتبط بوقف إطلاق النار بغزة وانسحابه على لبنان قبل بدء النقاش بالوضع على الأرض». وأضاف: «وتم التطرق للملف الرئاسي، بحيث أكد الحزب أنه يفصل بين حرب غزة ونتائجها والمسار الذي يسلكه الملف الرئاسي».
وكتبت غادة حلاوي في” نداء الوطن”: بادر «حزب الله» إلى طلب موعد لزيارة الرئيس عون. خمسون دقيقة جمعت بين وفد «كتلة الوفاء للمقاومة» والرئيس عون لم تشهد أي عتب بين الطرفين، بل مصارحة. في كل مرة يختار رئيس الكتلة محمد رعد من يرافقه في الزيارة، فاختار النائبين حسن فضل الله وعلي عمار ولكل خصوصيته. استهل الوفد اللقاء بالتسليم أمام الجنرال بوجود تقصير من ناحيتهم لعدم التواصل منذ اللحظة الأولى للحرب، وأنّ خيارهم لم يكن الحرب التي اضطروا إلى خوضها، وإلا كانت إسرائيل ستقدم على شنّ عدوان على لبنان، وأنّ «حزب الله» يدفع مقابل ذلك ثمناً باهظاً من خيرة أبنائه. ثم استعرض تفاصيل الحرب الدائرة في الجنوب والاعتداءات التي تشنّها إسرائيل ضد القرى الجنوبية، والتي من خلالها أيضاً لا توفر فرصة لإيقاع الفتنة بين أبناء تلك القرى.
آثر «حزب الله» عدم مفاتحته في شأن تصريحاته الأخيرة، ومن سياق الحديث فُهم أنّ للرئيس عون مآخذ على الحرب التي يخوضها «حزب الله» في الجنوب، فقدّم الوفد شرحاً مسهباً حول دقة الوضع وما سينتج منه، ما خلّف ارتياحاً لدى عون.
وشدّد «حزب الله» على التفاهم وعلى العلاقة الإيجابية بينهما لما لها من تأثير كبير على البيئة الشيعية. فكان جواب عون أنّ التعايش ليس مجرد موقف ولا ممارسة موقتة، بل هو ثقافة حياة بالنسبة لنا، مستعرضاً رسالة جوابية سبق أن أرسلها إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران يذكّره فيها أنّه من أبناء الضاحية الجنوبية لبيروت وحريص على العيش المشترك بما يغني عن النصائح في هذا الشأن. وتقاطعت مصادر الطرفين على اعتبار أنّ المناخ العام للقاء اتسم بالايجابية، وكان بمثابة مكاشفة لا بد منها، وإن أتت متأخرة ويبقى الأساس في التواصل بين قيادة «الحزب» ورئاسة «التيار».
وتمضي مصادر المضيف قائلة ليس للرئيس عتب دفين على ماضي رئاسته الذي تعطّل بفعل الكيديات الداخلية، ولكن عتبه على استمرار دعم «حزب الله» لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي وانتهاكه المتواصل للدستور في ظل غياب رئيس للجمهورية والذي لا يمكن تبريره ولو من باب تسيير شؤون الناس.
وجاء في توصيف «حزب الله» أنه لقاء إعادة تنشيط عملية التواصل، قد يكون تأخّر منذ بدأت عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين، ولكن الزيارة برمزيتها وبما جرى خلالها أوضحت الكثير من الإلتباسات، ويفترض أن تنعكس ارتياحاً وايجابية على جمهور الجهتين. ولخّصت مصادر «حزب الله» موضوعات البحث التي تمحورت على رئاسة الجمهورية والتهدئة في الجنوب واقتراحات الموفد الأميركي أموس هوكشتاين.
في جانب منه كان لقاءً وجدانياً لجهة ما تطرق إليه الجانبان من سياق تاريخي للعلاقة والعيش المشترك. لا يدرج «حزب الله» الزيارة في إطار تصحيح المسار، لكنه يلحظ أنّ «البعد جفا» ما استوجب جلسة «ودّ» بعد طول إنقطاع خلّفت انطباعاً «أننا نستكمل جلسة كنا بدأناها بالأمس». وعما اذا كانت الزيارة ستستكمل بلقاء قريب مع رئيس «التيار»، قالت المصادر إنّ العلاقة بباسيل، وإن شابتها البرودة، لكنّها غير مقطوعة.