عون مطمئنّ إلى مواقف حزب الله

8 مارس 2024
عون مطمئنّ إلى مواقف حزب الله

بعد التوتّر الذي سيطر على العلاقة بين الرابية وحارة حريك، زار وفد من كتلة «الوفاء للمقاومة» ضمّ النواب محمد رعد، علي عمار وحسن فضل الله الرئيس العماد ميشال عون، في دارته في الرابية، وتمحور اللقاء حول الأوضاع التي يشهدها الجنوب إضافة إلى الأوضاع الداخلية.

وكتبت” النهار”: بدا لافتا “عرض المرونة” في الداخل الذي تعمد “حزب الله” إبرازه امس سواء في موقف “كتلة الوفاء للمقاومة” من الملف الرئاسي، او من خلال زيارة وفد الكتلة للرئيس السابق ميشال عون في دارته في الرابية للمرة الأولى منذ مدة غير قصيرة. واثار هذا “العرض” تساؤلات عما اذا كان الحزب يهيء المسرح لموقف انفتاحي في الأزمة الرئاسية من خلال رده المنتظر على مبادرة “كتلة الاعتدال الوطني” ام ان تحركه لمحاولة ترميم الفجوة الكبيرة في علاقته بـ”التيار الوطني الحر” تتصل باستشعاره فداحة الهوة التي ارتفعت بينه وبين سائر القوى المسيحية وخصوصا في ظل المواقف الحازمة والقاطعة لبكركي من رفض “ربط الساحات” وانزلاق لبنان الى الحرب وهو موقف يحظى بنسبة عالية جدا من التاييد المسيحي.

ولذا استوقف المراقبين اعلان “كتلة الوفاء للمقاومة” في بيانها انها “عرضت لمداولات رئيسها مع وفد تكتل الاعتدال النيابي الذي طرح مضمون مبادرته للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية يمارس صلاحياته الدستورية في إدارة شؤون البلاد، وإذ أبدت الكتلة حرصها على التوصل إلى مخرج وفاقي للأزمة الرئاسية فقد ناقشت موقفها المفترض إبلاغه لاحقا الى الزملاء في تكتل الاعتدال النيابي ليبنى على الشيء مقتضاه”.

وتزامن ذلك مع استقبال الرئيس عون في دارته في الرابية وفد كتلة “الوفاء للمقاومة” الذي ضم النواب محمد رعد، علي عمار وحسن فضل الله، الذي اعلن بعده رعد ان “الاتصال القائم بيننا وبين فخامة الرئيس ميشال عون هو خط دائم ومستمر لم ينقطع في السابق ولن ينقطع أبدا، وهو خط يبعث الطمأنينة والسكينة في نفوس اللبنانيين على إختلاف مناطقهم وطوائفهم نظرا لتاريخ التعايش والشراكة الحقيقية التي نعيشها في ما بيننا في مقاربة القضايا الوطنية”. واضاف “هذه الزيارة كانت فرصة لاطلاع فخامة الرئيس على الاوضاع الميدانية الدقيقة والموضوعية بعيدا عما يتم من تراشق من هنا وهناك. وابدينا ما يمكن أن يعزز الوحدة الوطنية في مواجهة تحدي العدو الصهيوني”. وقال “في وضعنا اللبناني نحن بحاجة الى ان نبدي نوايانا الحسنة ونصر على التخاطب المسؤول بين كل الفئات والمعنيين بشأن هذا البلد وصولا الى حل المشاكل الرئيسية التي نعاني منها”.

وقالت أوساط “التيار” لـ”النهار” ان اللقاء كان صريحاً وواضحاً دون تسجيل أي عتب على أي من المواقف التي صدرت. وشرح وفد “حزب الله” للرئيس عون أن تأخر الزيارة كان سببه توضيح الأمور، شارحاً الوضع في الجنوب وأن الحرب هي وقائية، مع تأكيد عدم الرغبة في توسعة رقعة الحرب وجلب المزيد من الدمار، لكن في الوقت عينه لا يترك الإسرائيلي فرصة للتدمير والأذية إلّا يستخدمها.

وبحسب الأوساط عينها، فإن وفد الكتلة أكد أنه لا يربط الوضع جنوباً أو يصرف نتائج الحرب أو يقايضها بالاستحقاق الرئاسي ولا نيّة لذلك، ولا سيما أن أزمة الشغور سابقة للحرب.

أما الرئيس عون فقد شرح من جهته سبب رفضه مبدأ “وحدة الساحات” وأنه لا يمكن تحميل لبنان حرباً في ظلّ غياب إجماع عربي. وتقول الأوساط  لـ”النهار” إن الكلام الاستراتيجي وطنياً في العلاقة بين التيار والحزب يُبحث مع الرئيس عون، لكن البحث في السياسة وكيفية تطوير هذه العلاقة ومناقشة الحلول لا تكون إلّا مع رئيس التيار النائب جبران باسيل. وفي هذا الإطار تعتبر المصادر أن “حزب الله” أخلّ في السابق بموضوع مكافحة الفساد والآن يغطي قرارات الحكومة والتعيينات من دون توقيع جميع الوزراء أو حتى وزير الوصاية وأنه بينما هم يقومون بذلك يضربون الشراكة الوطنية والدستور، فيما كان مطلب “التيار” ولا يزال تثبيت الشراكة على أساس “العقد الميثاقي” ومن دون حصص، بدل الحكم على قاعدة أكثرية وأقلية. وتتابع الأوساط إن “التيار” احترم الشراكة في رئاسة المجلس النيابي، محمّلةً مسؤولية ما يحدث راهناً للثنائي الشيعي والرئيس ميقاتي.  وتختم بالقول: “هذه معركة تثبيت الشراكة، ولا تبحث إلا مع رئيس التيار ولا يمكن أن تنقضي بزيارة وفد”.

وكتبت” الاخبار”: «لقاء إيجابي جداً وجو إيجابي جداً». هكذا وصفت مصادر مطّلعة لقاء الرئيس ميشال عون، في منزله في الرابية أمس، مع وفد من كتلة «الوفاء للمقاومة» ضمّ رئيس الكتلة النائب محمد رعد والنائبين حسن فضل الله وعلي عمار.وأكّدت المصادر أن اللقاء لم يتخلّله أي عتب، وكان هناك «ارتياح متبادل» لمجريات النقاش مع «تقدير كل طرف لظروف الطرف الآخر». ووجد الوفد الرئيس السابق «حاضراً جداً ومتابعاً لأدقّ التفاصيل، وقد أكّد موقفه من القضية الفلسطينية، منتقداً الصمت العالمي» حيال المجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي. وكان هناك «تطابق تام في وجهات النظر» حيال العدوان الإسرائيلي على غزة. كما أعرب عون عن «اطمئنانه» إلى الشرح الذي قدّمه رعد حول مجريات الوضع في الجنوب وطريقة إدارة حزب الله للمعركة، وإلى تأكيدات الحزب على الفصل بين ما يجري على الجبهة والملف الرئاسي ومجريات الوضع الداخلي.
وكتبت” نداء الوطن”: رعد وبعد لقاء الرابية، توجّه الى حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت لترؤس اجتماع كتلة «الحزب». وصدر بعد ذلك بيان استعاد فيه التمسك بقرار «حزب الله» بفتح جبهة الجنوب. وصوّب في الوقت نفسه سهام الانتقاد لبكركي التي تثابر على انتقاد توريط الجنوبيين بما يدور على الحدود الجنوبية. فقال بيان الكتلة إن «أبناء المناطق الحدودية يرتضون طوعاً» نصرة غزة.
ومساء أطل رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ليعلن موقفاً سبق وأعلنه ميشال عون، فسأل: «لماذا يجب أن نجلب الحرب إلينا مع انني مقتنع بأنّ «حزب الله» لا يريد الحرب مثلنا؟».

ولفتت مصادر الطرفين لـ»البناء» الى أن الجهود لاحتواء الخلافات بين الحزب والتيار لم تتوقف عبر حلفاء وأصدقاء للطرفين، وجاءت زيارة وفد حزب الله للرئيس عون تتويجاً لهذه المساعي التي ستستكمل لترميم الهوة بين الحليفين لمواجهة الاستحقاقات الداهمة وتوحيد الموقف الوطني في مواجهة الخطر الإسرائيلي في الجنوب وإنجاز الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن. ولفتت المصادر الى أن لقاء الرابية جاء ليسقط كل الرهانات على مواقف التيار الوطني الحر والرئيس عون والنائب جبران باسيل الأخيرة، بإشعال فتيل الخلاف بين التيار وحزب الله، مشدّدة على أن الخلاف مهما اتسع فإن العلاقة لن تسقط والتحالف لن ينهار وستبقى شعرة الودّ والاحترام وبالتالي الخلاف السياسي لن ينعكس سلباً على قواعد التيار والحزب. ولفتت الى أن حجم الخلاف بين الطرفين سيدفع الى الحوار الجدّي وإعادة النظر حول كثير من النقاط لإعادة ترميم اتفاق مار مخايل أو صياغة اتفاق جديد يواكب التطورات الهائلة على الصعد كافة.