غير مألوفة بدت بعض اللقاءات التي أجراها المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين في زيارته إلى بيروت قبل أيام، والتي لم تدم سوى ساعات معدودات، لكنّها كانت كافية لتضمّ على “الأجندة” اجتماعاتٍ بعيدًا عن السياق “الرسمي” للاجتماع، لعلّ أبرزها اللقاء الذي جمعه مع بعض شخصيات المعارضة، خصوصًا من “القوات” و”الكتائب”، إضافة إلى ذلك الذي عقده مع الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو.
أعطت هذه اللقاءات طابعًا “مختلفًا” لزيارة هوكشتاين، وهي الثالثة له إلى بيروت منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، واشتعال الجبهة اللبنانية جنوبًا بالتوازي، إذ كان الرجل الذي يُعَدّ “عرّاب” اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، يحرص على لعب دور “الوسيط” بين الجانبين لتفادي انزلاق التوتر الجنوبي إلى حرب شاملة لا تريدها الولايات المتحدة، وبالتالي كانت لقاءاته تقتصر على الرسميّين كرئيسي الحكومة ومجلس النواب.
من هنا، أثارت لقاءاته هذه المرّة، خصوصًا مع المعارضة، تساؤلات عدّة قد تكون مشروعة، فما الذي دار في هذه الاجتماعات تحديدًا؟ ولماذا اختار اللقاء مع المعارضة هذه المرّة بالتحديد؟ وكيف يُفهَم هذا اللقاء معطوفًا على ما قيل عن “ضمانات” يطلبها لتفادي سيناريو عدم انعكاس “الهدنة” في غزة على جنوب لبنان؟ وما صحّة التسريبات التي أوحت بأنّ الرجل دخل على خطّ استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي يُعتقد أنّه “يهمّ” المعارضة أكثر من غيره؟
موقف المعارضة
تنفي أوساط المعارضة ما تمّ الترويج له في بعض الأوساط الإعلامية والسياسية، المحسوبة على فريق “حزب الله” كما تقول، عن أن الاجتماع مع المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين حصل “بطلبٍ منها”، وإن كانت لا تنكر “امتعاضها” من “حصر” الرجل للقاءات في مرحلةٍ سابقةٍ بشخصيات تدور بشكل أو بآخر في الفلك نفسه، على حدّ وصفه، من دون أن يستمع إلى وجهة النظر الأخرى التي تمثّلها قوى المعارضة مجتمعةً.
بالنسبة إلى هذه الأوساط، فإنّ السؤال الذي يجب أن يُطرَح ليس حول سبب عقد هذا اللقاء، وما إذا كان “بديلاً” عن “استثناء” وزير الخارجية عبد الله بو حبيب من جدول اجتماعات هوكشتاين، كما أوحى بعض المتابعين، ولكن عن سبب عدم حصوله من الأصل، في وقت يعرف الأميركيون جيّدًا أنّ البلد منقسمٌ عموديًا، وبالتالي فإنّ “حصر” النقاش مع فريق السلطة لا يرسل انطباعًا جيّدًا لمن يفترض أن يكونوا “شركاء” في القرارات الكبرى.
من هنا، تعرب أوساط المعارضة عن اعتقادها بأنّ إدراج اللقاء هذه المرّة، وكذلك الاجتماع مع النائب السابق وليد جنبلاط، على جدول أعمال هوكشتاين جاء لتفادي مثل هذا “اللغط”، والذي أدّى في السابق إلى الكثير من الجدل، مع إشارة إلى أنّ السفيرة الأميركية التي حضرت اللقاء يمكن أن تكون لعبت دورًا محوريًا على هذا الصعيد، وهي التي سبق أن جالت على مختلف الأفرقاء، وسمعت منهم بعض الانطباعات والآراء من مهمّة هوكشتاين وغيرها.
الملف الرئاسي
تقول أوساط المعارضة إنّ هوكشتاين استمع خلال اللقاء إلى طروحاتها حول الوضع في الجنوب، والثوابت التي لطالما تمسّكت بها، كمسألة قرار الحرب والسلم، وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وضرورة تطبيق القرار الدولي 1701، وانتشار الجيش اللبناني في المناطق الحدودية، كما عبّرت عن هواجسها من إمكانية تجدّد الاشتباكات في أي وقت إذا لم يتمّ التوصّل إلى حلّ دائم، وتمّ الاكتفاء بوقفٍ مؤقت لإطلاق النار.
لكن، أبعد من موضوع التوتر الحدودي، وضمانات وقف إطلاق النار في الجنوب، وتطبيق القرار الدولي 1701، أثار اللقاء مع المعارضة تساؤلات عمّا إذا كان المبعوث الأميركي دخل على خط الملف الرئاسيّ عمليًا، ولا سيما أنّ كلامًا دار همسًا في السابق عن “مقايضة” قد تحصل بين الأمن والرئاسة، علمًا أنّ هناك من لاحظ أنّ الاجتماع استثنى بعض أطراف المعارضة، كالطرفين السنّي والتغييريّ، ربما بسبب الانقسامات والتباينات داخلهما.
هنا، يقول العارفون إنّ دخولاً “جديًا” على خط ملف الرئاسة لم يُرصَد، حيث اقتصر الحديث بالرئاسة وفق التسريبات على دعوة هوشكتاين لانتخاب رئيس للجمهورية، تحضيرًا لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، ولو أنّ الأميركيين الموجودين ضمن المجموعة “الخماسية” ليسوا ببعيدين عنه، إلا أنّ الأولوية تبقى بالنسبة إليهم معالجة الوضع القائم في الجنوب، لتحقيق “إنجاز سياسي” للرئيس جو بايدن، المقبل على منافسة “حامية” مع سلفه دونالد ترامب.
صحيح أنّ الحديث بالملف الرئاسي بين هوكشتاين والمعارضة جاء “على الهامش”، وبدا لكثيرين “رفع عتب”، لكن هناك من لا يستبعد وجود رغبة أميركية بحلّ “موازٍ” لوضع الجنوب واستحقاق الرئاسة معًا، على طريقة “السلة الشاملة”، ولا سيما أنّ وقف إطلاق النار إن حصل يستتبع مفاوضات تتطلب وجود رئيس للجمهورية، أو بمعنى آخر، فإنّ “اليوم التالي لبنانيًا” لا يكتمل من دون رئيسٍ مُنتخَب يتسلم دفة المفاوضات!
Advertisement
أعطت هذه اللقاءات طابعًا “مختلفًا” لزيارة هوكشتاين، وهي الثالثة له إلى بيروت منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، واشتعال الجبهة اللبنانية جنوبًا بالتوازي، إذ كان الرجل الذي يُعَدّ “عرّاب” اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، يحرص على لعب دور “الوسيط” بين الجانبين لتفادي انزلاق التوتر الجنوبي إلى حرب شاملة لا تريدها الولايات المتحدة، وبالتالي كانت لقاءاته تقتصر على الرسميّين كرئيسي الحكومة ومجلس النواب.
من هنا، أثارت لقاءاته هذه المرّة، خصوصًا مع المعارضة، تساؤلات عدّة قد تكون مشروعة، فما الذي دار في هذه الاجتماعات تحديدًا؟ ولماذا اختار اللقاء مع المعارضة هذه المرّة بالتحديد؟ وكيف يُفهَم هذا اللقاء معطوفًا على ما قيل عن “ضمانات” يطلبها لتفادي سيناريو عدم انعكاس “الهدنة” في غزة على جنوب لبنان؟ وما صحّة التسريبات التي أوحت بأنّ الرجل دخل على خطّ استحقاق الانتخابات الرئاسية الذي يُعتقد أنّه “يهمّ” المعارضة أكثر من غيره؟
موقف المعارضة
تنفي أوساط المعارضة ما تمّ الترويج له في بعض الأوساط الإعلامية والسياسية، المحسوبة على فريق “حزب الله” كما تقول، عن أن الاجتماع مع المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين حصل “بطلبٍ منها”، وإن كانت لا تنكر “امتعاضها” من “حصر” الرجل للقاءات في مرحلةٍ سابقةٍ بشخصيات تدور بشكل أو بآخر في الفلك نفسه، على حدّ وصفه، من دون أن يستمع إلى وجهة النظر الأخرى التي تمثّلها قوى المعارضة مجتمعةً.
بالنسبة إلى هذه الأوساط، فإنّ السؤال الذي يجب أن يُطرَح ليس حول سبب عقد هذا اللقاء، وما إذا كان “بديلاً” عن “استثناء” وزير الخارجية عبد الله بو حبيب من جدول اجتماعات هوكشتاين، كما أوحى بعض المتابعين، ولكن عن سبب عدم حصوله من الأصل، في وقت يعرف الأميركيون جيّدًا أنّ البلد منقسمٌ عموديًا، وبالتالي فإنّ “حصر” النقاش مع فريق السلطة لا يرسل انطباعًا جيّدًا لمن يفترض أن يكونوا “شركاء” في القرارات الكبرى.
من هنا، تعرب أوساط المعارضة عن اعتقادها بأنّ إدراج اللقاء هذه المرّة، وكذلك الاجتماع مع النائب السابق وليد جنبلاط، على جدول أعمال هوكشتاين جاء لتفادي مثل هذا “اللغط”، والذي أدّى في السابق إلى الكثير من الجدل، مع إشارة إلى أنّ السفيرة الأميركية التي حضرت اللقاء يمكن أن تكون لعبت دورًا محوريًا على هذا الصعيد، وهي التي سبق أن جالت على مختلف الأفرقاء، وسمعت منهم بعض الانطباعات والآراء من مهمّة هوكشتاين وغيرها.
الملف الرئاسي
تقول أوساط المعارضة إنّ هوكشتاين استمع خلال اللقاء إلى طروحاتها حول الوضع في الجنوب، والثوابت التي لطالما تمسّكت بها، كمسألة قرار الحرب والسلم، وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وضرورة تطبيق القرار الدولي 1701، وانتشار الجيش اللبناني في المناطق الحدودية، كما عبّرت عن هواجسها من إمكانية تجدّد الاشتباكات في أي وقت إذا لم يتمّ التوصّل إلى حلّ دائم، وتمّ الاكتفاء بوقفٍ مؤقت لإطلاق النار.
لكن، أبعد من موضوع التوتر الحدودي، وضمانات وقف إطلاق النار في الجنوب، وتطبيق القرار الدولي 1701، أثار اللقاء مع المعارضة تساؤلات عمّا إذا كان المبعوث الأميركي دخل على خط الملف الرئاسيّ عمليًا، ولا سيما أنّ كلامًا دار همسًا في السابق عن “مقايضة” قد تحصل بين الأمن والرئاسة، علمًا أنّ هناك من لاحظ أنّ الاجتماع استثنى بعض أطراف المعارضة، كالطرفين السنّي والتغييريّ، ربما بسبب الانقسامات والتباينات داخلهما.
هنا، يقول العارفون إنّ دخولاً “جديًا” على خط ملف الرئاسة لم يُرصَد، حيث اقتصر الحديث بالرئاسة وفق التسريبات على دعوة هوشكتاين لانتخاب رئيس للجمهورية، تحضيرًا لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، ولو أنّ الأميركيين الموجودين ضمن المجموعة “الخماسية” ليسوا ببعيدين عنه، إلا أنّ الأولوية تبقى بالنسبة إليهم معالجة الوضع القائم في الجنوب، لتحقيق “إنجاز سياسي” للرئيس جو بايدن، المقبل على منافسة “حامية” مع سلفه دونالد ترامب.
صحيح أنّ الحديث بالملف الرئاسي بين هوكشتاين والمعارضة جاء “على الهامش”، وبدا لكثيرين “رفع عتب”، لكن هناك من لا يستبعد وجود رغبة أميركية بحلّ “موازٍ” لوضع الجنوب واستحقاق الرئاسة معًا، على طريقة “السلة الشاملة”، ولا سيما أنّ وقف إطلاق النار إن حصل يستتبع مفاوضات تتطلب وجود رئيس للجمهورية، أو بمعنى آخر، فإنّ “اليوم التالي لبنانيًا” لا يكتمل من دون رئيسٍ مُنتخَب يتسلم دفة المفاوضات!