لهذه الأسباب ذهب حزب الله على عجل إلى الرابية

9 مارس 2024
لهذه الأسباب ذهب حزب الله على عجل إلى الرابية

كتب ابراهيم بيرم في” النهار”: ثمة معلومات تفيد بان “حزب الله” عندما اوفد رئيس كتلته النيابية وأحد الستة المقررين في مجلس شورى القرار في الحزب الى الرئيس عون شخصيا في الرابية، كان اسقط من كل حساباته فرضية انه ذاهب لاسترداد حليف كان اشهر اضرابا وعصيانا احتجاجيا عليه. والاغلب انه ذهب اليه لاعتبارات اخرى مضمرة تندرج كلها تحت شعار اخلاقي عنوانه العريض: ليعذر أحدنا الآخر إذا لم ننجح في استكمال الرحلة السياسية المثيرة التي بدأناها سويا عن حب ورضا ومصلحة للطرفين.

عندما يذهب “حزب الله” الى جهة سياسية كانت استنكرت للتوه وبلسان صريح شعار “وحدة الساحات” بل ودانته ادانة فصيحة عندما اعتبرته مؤذيا وبلا نتيجة، فضلا عن اعتباره انه خارج عن كل مندرجات التفاهم المعقود بينهما وعن حدوده، فانه لا شك يعرف ان امكان الاسترداد امر بالغ الصعوبة إنْ لم يكن مستحيلا.

لذا فان ثمة مقاصد اخرى شاء الحزب ان يسجلها ويحققها في اطار سعيه المكشوف والمزمن لتكريس مدرسة مختلفة في التحالف والافتراق، أو بمعنى آخر ترسيخ اسس تجربة سياسية غير مسبوقة بأخلاقيتها.

وبناء عليه، فالمُراد امران:
– فراق بإحسان على نحو يبقي خط اتصال، ورمي الحجة على الطرف الآخر قبل ان ينتقل الى إنفاذ ما هو عازم عليه.

– ان نصرالله والحزب عموما يسعيان بهذه المبادرة تجاه الرئيس عون الى تكريس شعار “إني باسط اليك يدي ولن اكون السبّاق الى سحبها ما دام الآخر ملاقيها ومصافحها”، وهي بمعنى آخر تطبيق عملاني لنظرية الوفاء بالعهد.

وهذا النهج سبق لسيد الحزب ان قدّم امثلة عليه، فهو يسارع الى شكر من وقف معه ذات يوم وسانده في الملمّات. ومعلوم ان نصرالله ارسل وفدا رفيعا الى الرئيس تمام سلام لشكره على ادائه المتوازن ابان ترؤسه حكومة تصريف الاعمال في اواخر عهد الرئيس ميشال سليمان، وبقي حافظا له هذا الجميل حتى عندما اقدم سلام على فعل اساء فيه الى الحزب في احدى المحطات.

وثمة ولاريب مقصد آخر اراده الحزب من خلال هذه المبادرة الاخيرة، وهي رسالة خاصة الى الساحة المسيحية. فمعلوم ان الحزب بذل جهودا استثنائية ليكون له رأس جسر في الساحة المسيحية التي بكّرت في ابداء الخشية من مشروعه واوصدت الابواب بإحكام امامه. لذا كانت حفاوته كبيرة عندما نجح بإبرام التفاهم مع “التيار البرتقالي”، خصوصا ان هذا التيار كان محاصرا يومها رغم انه كان كاسحا في ساحته وقد ابدى هو ايضا حفاوة مماثلة بابتداء العلاقة مع الحزب.

وفي الآونة الاخيرة ثمة من انبرى ليتهم الحزب بانه بعد تحوّله الى قوة اقليمية عابرة للحدود قد تناسى حلفاءه واهملهم لانه لم يعد بحاجة اليهم والى الحماية التي أمّنوها له ذات حقبة.
وهناك ولاريب من اعتبر ذهاب وفد الحزب الى مؤسس التيار في الرابية بوفد قيادي ليشرح له كما قال رئيس الوفد الاسباب التي دفعته لخوض معركة الاسناد لغزة، هو بمثابة رد غير مباشر على كل تلك التهم وفعل اثبات انه ليس من النوع الجاحد او المنكِر.

في كل الاحوال، ورغم ان احدا لا ينتظر ظهورا عاجلا لنتائج عملانية لهذه الزيارة على نحو يبدل في الصورة النمطية المتأرجحة والمائلة الى القلق والتوتر التي آلت اليها اخيرا علاقة الحليفين السابقين، إلا ان الحزب الذي هو في حال حرب حقيقية مع اسرائيل يريد ان يثبت للرئيس عون شخصيا انه لليس من النوع الذي ينسى الآخرين أو ينكر عليهم تضحياتهم.

وكتبت” الديار”: اوضحت اوساط سياسية ان التيار الوطني الحر كان داعما لحزب الله في فتح جبهة الجنوب اسنادا لغزة معللا ذلك بأن ردع المقاومة للعدو يصب في حماية لبنان ايضا. ولكن لاحقا، طرأ تغيير على موقف الوطني الحر من حرب غزة وتعاطي حزب الله مع هذه الحرب.
ولفتت هذه الاوساط الى ان الموقف الجديد للوطني الحر مرتبط بانزعاجه من دعم حزب الله للوزير السابق سليمان فرنجية للرئاسة وعليه يحاول ايصال رسالة واضحة وعلنية للحزب بأن الغطاء المسيحي الذي منحه اياه منذ حرب تموز 2006 حتى الماضي القريب لن يستمر في حال وضعت المقاومة مطالب وتوجهات «لبنان القوي» خارج اولوياتها.
وتعقيبا على ما ذكر، اكدت الاوساط السياسية بأن زيارة النائب محمد رعد للرابية ولقاءه الرئيس السابق ميشال عون كان مفادها الحفاظ على ماء الوجه بين الطرفين خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة ومن بينها الحرب التي يخوضها حزب الله جنوبا بوجه حيش الاحتلال. انما تبين ان هذا اللقاء بين عون ورعد ليس كافيا بل يحتاج الى لقاءات اخرى لعدم توسيع رقعة التباعد التي حصلت مؤخرا بين الحزب والوطني الحر.