هواجس من خسارة المسيحيين… حزب الله أمام خيارين ‏

9 مارس 2024
هواجس من خسارة المسيحيين… حزب الله أمام خيارين ‏

بالرغم من تراجع قدرات القوى المسيحية على إثبات نفسها في الحياة السياسية عموما، إلا أن الواقع الحالي يعطي بعض الأقطاب المسيحيين فرصة لإعادة تمتين حضورهم في النظام السياسي اللبناني تمهيدا للتطورات السياسية المقبلة على المشهد العام. 

‏ولعلّ إحدى اكبر وأقوى القوى المسيحية التي قد تتأثر إيجاباً بالتطورات هي “القوات اللبنانية” التي باتت قادرة على القيام بنوع من الانقلاب في المواقف التكتيكية السياسية الداخلية من دون أن تغير ثوابتها وشعاراتها العامة المرتبطة بموقفها من “حزب الله” وسلاحه وربما من قضايا اقليمية متعددة.
  
لكن الكتلة النيابية التي تتمتع بها القوات اضافة الى الواقع السياسي والبرلماني يجعل منها حاجة جدية لقوى الثامن من اذار لتأمين الغطاء المسيحي والعدد النيابي الكافي لايصال مرشحها الرئاسي او اي مرشح  توافقي يرضى به “حزب الله”، كذلك فإن القوات بحضورها في قوى المعارضة تثبت انها القائد الاساسي لهذه القوى. 

تتعامل “القوات اللبنانية” مع الواقع الحالي باعتبارها الطرف الاقوى في قوى المعارضة والعمود الفقري لها خصوصا ان الاطراف الرئيسية لم تتموضع فعلياً الى جانب قوى المعارضة بهذا الشكل الصريح وتحديدا “الحزب التقدمي الاشتراكي” الذي بقي حليفا للمعارضة من دون ان يتماهى معها في خطابها وممارستها. 

وفي جهة مقابلة، اعتبرت مصادر سياسية مطّلعة أنّ هواك جهودا مستمرة تسعى الى احتواء الخلافات بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” والتي كانت في مرحلة سابقة مستترة بورقة تفاهم كان “التيار” قد هّدد بإنهائها في أكثر من مرة ربطاً بتباينات مع “الحزب” في العديد من الملفات، لكنّ هذه المرحلة، وتحديداً منذ انطلاق العدوان الاسرائيلي على غزّة واشتعال جبهة الجنوب اللبناني، شهدت أشدّ السقوف ارتفاعاً من قبل “التيار” بوجه “الحزب”، الامر الذي دفع الأخير الى المبادرة باتجاه “الوطني الحرّ” لردم الهوّة بين الطرفين منعاً لسقوط العلاقة بشكل نهائي. وأكدت المصادر إصرار “حزب الله” على الحفاظ على “شعرة” الودّ والاحترام ومنع أي “طلاق” بالمعنى الفعلي وتجنب انعكاساته السلبية على الواقع السياسي. 

ثمة مصادر سياسية من قوى 8 آذار اعتبرت أن التصعيد الأخير الذي انتهجه رئيس “التيار” جبران باسيل بوجه “حزب الله” لا يبشّر بالخير، وأضافت المصادر أنّ الحوار المثمر بين الطرفين بات شبه مستحيل إذا لم يُقدم أي منهما على تقديم تنازلات تقرّب وجهات النظر وتمنع اي انزلاق الى إنهاء العلاقة بشكل كامل. وتابعت المصادر أن “الحزب” الذي لا يريد خسارة المسيحيين سيكون أمام خيارين؛ إما أن يتّجه الى صياغة اتفاق جديد يُرسي من خلاله تفاهمات جديدة للمرحلة المقبلة، أو أن يفتح باب التواصل مع أطراف مسيحية أخرى بشكل جدي للوصول الى نقاط مشتركة تضمن إنجاز الاستحقاقات العالقة.  

وامام هذا الواقع يصبح التحالف مع “القوات اللبنانية” او التواصل معها رغبة جدية ومصلحة سياسية لأكثر من قوة  وجهة، لكن هذا التحول في الحياة السياسية قد يكون بحاجة إلى نضوج اكثر وربما الى تحوّل في الساحة الإقليمية وتحديدا لجهة وضع حد للمعارك الحاصلة في اكثر من جبهة، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الرؤية والاستشراف أمرين ممكنين لجميع القوى ويجعل “القوات” في مكان أفضل وفي موقع تفاوضي أقوى.