التيار خاسر في كل السيناريوهات؟

10 مارس 2024
التيار خاسر في كل السيناريوهات؟

منذ بدء المعركة العسكرية في جنوب لبنان دعماً للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة في مواجهة العدوان الاسرائيلي، بات محسوماً أن الساحة اللبنانية ستتأثر بشكل كبير وستتغير التوازنات داخلها وفق نتائج الحرب في المنطقة، وعليه عملت قوى سياسية على تأجيل اي تسوية داخلية بإنتظار التطورات الاقليمية في حين ان احزابا وشخصيات اخرى قامت بتعديل موقعها السياسي استعداداً للمتغيرات المرجحة خلال المرحلة المقبلة.

يعدّ “التيار الوطني الحرّ” من الاحزاب والقوى السياسية الاساسية التي قررت القيام بنقلة نوعية في السياسة خلال المعركة الحاصلة. ولعل هذا الامر هو الذي سرّع فكرة الخلاف بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك على إعتبار ان رئيس “التيار” جبران باسيل يحاجة لمواقف عالية السقف ضدّ الحزب، وفي الموضوع الاستراتيجي تحديداً، لتحسين موقعه السياسي مع الغربيين ولاسيما مع الولايات المتحدة الاميركية لتكون له حصّة وازنة من التسوية.

لكن “التيار” ذهب بعيداً وبسرعة قياسية في مخاصمة “حزب الله” الامر الذي جعل حسابات الربح والخسارة معقدة بالنسبة اليه، خصوصاً أن تحالفاته الداخلية شبه معدومة وواقعه الشعبي متراجع بشكل دراماتيكي وهذا ما ظهر في الانتخابات الاخيرة، بمعنى آخر لا خيارات ل”التيار” سوى ان تكون القوى الاخرى بحاجة اليه ولكتلته النيابية الامر الذي حصل بعد الفراغ في سدّة الرئاسة اذ حافظ “التيار” على موقعه بالرغم من خروج عون من بعبدا بسبب حاجة جميع الكتل النيابية له لعقد تحالفات رئاسية.

 

هذا الواقع تبدل بسرعة بعد اندلاع معركة “طوفان الاقصى”، اذ باتت التوازات الخارجية المرتبطة بالمعركة الحاصلة هي التي تحدد نتائج الاستحقاقات في لبنان وغيره من البلدان المعنية، وعليه فإن الخلاف الذي فرضه “التيار” على “حزب الله” سحب من يد العونيين فرصة تحقيق المكاسب السياسية في حال انتصر حليفهم في المعركة، بل بات انتصار الحزب سيصب لصالح قوى أخرى حليفة مثل تيار “المردة” وحركة “أمل” وهذا بحد ذاته خسارة عونية كبرى.

اما في حال تراجع “حزب الله” تكتيكيا او استراتيجياً في المعركة وكان لا بد لخصومه من التقدم على حسابه في لبنان فإن الخصوم التقليديين وحلفاء الولايات المتحدة الاميركية الفعليين سيكونون الرابحين، اما “التيار” فلن يحصل على مكاسب سياسية فعلية بل قد يبقى خارج السلطة لسنوات  جديدة نظرا لعدم قدرته على عقد تحالفات فعلية.

 

يعاني”التيار” ازمة وجودية حقيقية تجعل خطواته اليوم مليئة بالارتياب السياسي، على اعتبار انه الخاسر الاكبر في حال بقيت الامور الميدانية على حالها، خصوصا ان “حزب الله” لم يعد قادرا على القيام بجهود استثنائية لتعويم حليفه نيابيا او سياسيا، فهل يبقى العونيون اليوم ضمن الستاتيكو  الحالي بإنتظار التسوية الاقليمية التي ستجعلهم خارج اي صفقة، ام سيقوم باسيل بخطوات سياسية مفاجئة تعيده الى المشهد العام بقوة ونفوذ؟