الجنوب فريسة التصعيد المفتوح ورمضان بلا هدنة.. اتجاه تصاعدي للمواجهة دون الحرب الشـاملة

11 مارس 2024
الجنوب فريسة التصعيد المفتوح ورمضان بلا هدنة.. اتجاه تصاعدي للمواجهة دون الحرب الشـاملة

تتواصل تحذيرات اسرائيل المتصاعدة الوتيرة وتكثيف جيشه استعداداته لإمكانية تنفيذ عملية برية في لبنان.
وكتبت” النهار”: المعطيات الماثلة لدى مختلف الجهات المعنية برصد المشهد الحربي والتحركات الديبلوماسية التي لا تنقطع سعيا الى إحلال هدنة في غزة ولو بعد بدء شهر رمضان اليوم، تميل الى منتهى التشاؤم في إمكانات تحقيق اختراق سلمي بالوسائل الديبلوماسية لتبريد جبهة غزة ومن ثم تلقائيا جبهة الجنوب اللبناني بعدما عكست تحركات الأيام الأخيرة اخفاق الجهود الديبلوماسية في إحلال “هدنة رمضان” التي يبدو ان بلوغها صار اشد تعقيدا من قبل، وتاليا فان واقع النزف المتواصل الذي يشهده الجنوب اللبناني يبدو مرشحا للاستمرار طويلا. حتى ان احد المعنيين تخوف من ان يشكل هذا الإخفاق الديبلوماسي محفزا محرضا لإسرائيل على مزيد من الإجراءات التفريغية لغزة من جهة وتوسيع رقعة الدمار والشلل في مناطق المواجهة في جنوب لبنان وهو امر لم يعد يحتاج الى اجتهادات وتقديرات ما دامت إسرائيل ماضية بلا هوادة الى اعتماد التصعيد المتدحرج، وكان من آخر مآثرها في جنوب لبنان ارتكاب مجزرة جديدة في خربة سلم أودت بأربعة أفراد من عائلة واحدة وتسببت بجروح محتلفة لتسعة مواطنين اخرين.

وأبلغ مصدر ديبلوماسي «نداء الوطن» أنّ «ما ورد من رسائل وتقارير ديبلوماسية يفيد بأنّ التوجه الإسرائيلي الشعبي والسياسي وحتى العسكري يؤيد الحرب على لبنان، والإصرار على توسيع الحرب كونها ستتحول حرباً اقليمية ستكون الولايات المتحدة الأميركية والغرب مضطرين ان يكونوا شركاء الى جانب إسرائيل فيها، على الرغم من أنه داخل المستوى العسكري الإسرائيلي هناك من لا يزال يعمل على منع الدخول في هكذا حرب ضد لبنان، ما دامت الجبهة معه ما زالت مضبوطة ضمن قواعد الاشتباك التي لم يتجاوزها «حزب الله» منذ الثامن من تشرين الأول».
وكتبت” الاخبار”: يستمر تبادل الضربات بين المقاومة وجيش العدو ضمن إطار معادلة ساهمت في بلورتها ديناميات الميدان وأولويات الطرفين بما لا يريده كل منهما – في هذه المرحلة – من اتساع لنطاقها. نتيجة ذلك، لا تزال المعركة تدور في الغالب ضمن نطاق جغرافي محدّد وبوتيرة متفاوتة، تضبطها تقديرات وخيارات مدروسة من الطرفين. مع ذلك، يبقى هذا المسار مفتوحاً على أكثر من سيناريو محتمل، ربطاً بمستقبل التطورات في غزة وبتطورات الميدان في الجنوب.ورغم أن الحرب دخلت شهرها السادس، نجحت المقاومة حتى الآن في حصر المواجهة العسكرية في نطاق جغرافي مُحدَّد، ما وفَّر لها هامشاً أوسع في الجمع بين مواصلة الضغوط الميدانية على العدو، مع أقل قدر ممكن من التضحيات وتحديداً على مستوى المدنيين. والعامل المرجّح للخيار الذي تعتمده المقاومة حتى الآن، أن بدائله أشد خطورة، إضافة إلى أن شروط وقف النار لم تنضج حتى الآن. أضف إلى ذلك أنه يحافظ على استمرار ضغط الميدان على كيان العدو، إسناداً للمقاومة في قطاع غزة، وبما يحبط محاولات العدو فرض وقائع ومعادلات تتصل بواقع ومستقبل جنوب الليطاني.
في هذه الأجواء، واصل المسؤولون الإسرائيليون الحديث عن الاستعداد لشن هجوم على لبنان. فبعد إيعاز رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، بإعداد خطط لعملية برية ممكنة في لبنان، و«استخلاص الدروس من حرب غزة»، وتكليف معدّ خطط العملية البرية في قطاع غزة الجنرال تشيكو تامير بالتخطيط لعملية برية جديدة في لبنان، أعلن قائد المنطقة الشمالية اللواء أوري غوردين أمام اجتماع لمنسّقي الأمن في مستوطنات الجليل الغربي، استمرار تعزيز الاستعدادات «للخروج في هجوم في لبنان» بهدف «تغيير الوضع الأمني من أجل إعادة السكان إلى ديارهم». ورغم أن هذا موقف مُكرر، إلا أنه يُعبّر عن إجراءات فعلية يراكمها جيش العدو استعداداً لأي سيناريو يمكن أن تتدهور إليه التطورات، إما بفعل دينامية الميدان أو نتيجة قرار تتخذه القيادة الإسرائيلية. وهو في الوقت نفسه يندرج في سياق الضغوط المتواصلة على المقاومة بهدف تثميرها بالمفاوضات التي يديرها الأميركي، وكذلك لطمأنة المستوطنين بأن الجيش يتجه نحو إنتاج واقع يوفر لهم الشعور بالأمن والعودة. وفي السياق نفسه، عمدت قيادة المنطقة الشمالية إلى إجراء «حوار مفتوح مع المنسّقين» الأمنيين أطلعهم فيه غوردين على تقدير الوضع على جبهة لبنان، وعلى عمل قيادة المنطقة الشمالية في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى «تسريع الاستعداد للاستمرار وحتى تعميق القتال في القطاع الشمالي»، في تعبير عن اتجاه تصاعدي للمواجهة، إلا أنه لا يزال حتى الآن دون الارتقاء إلى حرب شاملة. وهو تقدير يمكن تلمّس معالمه أيضاً في كلام غوردين عن مراكمة الاستعدادات والحرص على العمومية في توصيف هدف «تغيير الواقع الأمني» الذي يمنح المستوطنين الشعور بالأمن، وهو أمر يحرص عليه كلّ القادة السياسيين والعسكريين لعدم تكبيل أنفسهم بأيّ قيود يصعب التراجع عنها، ويفسح المجال أمام التوصل إلى تسوية، على الأقل من الناحية النظرية حتى الآن.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن الجيش الإسرائيلي أدرك في الأشهر الأربعة الأخيرة أن ترسانة أسلحة حزب الله تتضمن العديد من الذخائر الدقيقة، بعضها ذو مسار مسطح مثل الصواريخ المتقدمة والبعيدة المدى المضادة للدروع، والتي يصل مداها إلى حوالي عشرة كيلومترات، كما أن بعضها لا يحتاج إلى خط رؤية متواصل بين منصة الإطلاق والهدف، إذ تجاوزت الصواريخ الدقيقة التلال وانفجرت على أهداف في كريات شمونة ومحيطها، في إشارة منها إلى صعوبة أن تؤتي أي خطط لشن هجوم على لبنان نتائجها المرجوّة منه.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الديار» ، ان التصعيد الميداني جنوب لبنان متوقع مع فشل الهدنة، لافتة الى ان حزب الله «كان واضحا بربط مصير جبهة الجنوب بجبهة غزة، ولا تراجع عن هذا الربط ايا كانت التهديدات والضغوط». واكدت المصادر ان حزب الله «يستعد لكل الاحتمالات ومنها الحرب الموسعة، وان كان لا يزال يستبعدها».

وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران انه لم يتحدد بعد موعد عودة وفد مفاوضي الحركة إلى القاهرة، لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار.
وأوضحت مصادر مواكبة لمسار التفاوض لـ «الديار» ان «العدو الاسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة الاميركية، كانوا يعتقدون ان حماس ستتراجع وترضخ لشروطهما قبل ساعات من موعد انطلاق شهر رمضان ، خاصة بعد اعتمادهما سياسة التجويع، الا ان قيادة الحركة ورغم كل الضغوط، بقيت صامدة ومتمسكة بشروطها لعلمها بأن تنازلها عن ورقة الاسرى مقابل شهر او شهرين من الهدنة، سيعني عودة آلة القتل والدمار «الاسرائيلية» بشراسة اكبر بعد ذلك»، لافتة الى ان «ورقة الضغط هذه هي التي ستؤدي لإجبار «الاسرائيلي» على وقف الحرب، لذلك كان شرط الحركة واضحا بوجوب ان تكون اي هدنة اليوم بوابة من خلال ضمانات دولية واضحة لوقف دائم لاطلاق النار.. وهي ضمانات لم تحصل عليها، بل قابلها استفزازات مباشرة من نتنياهو، الذي وخلال المفاوضات كان يخرج ليعلن انه سيجتاح رفح بعد الهدنة» .
واضافت المصادر «لا شك ان الوضع الانساني صعب جدا في غزة، لكن الوضع صعب جدا ايضا في «اسرائيل»، حيث تتعرض حكومة العدو لكل انواع الضغوط، ما يفرض عودتها الى المفاوضات بشروط المقاومة».