نشرت مؤسسة “الدراسات الفلسطينية”، تقريراً جديداً عن المناضلة دلال المغربي التي وُلدت في لبنان واستشهدت يوم 11 آذار عام 1978.
والد دلال يدعى سعيد، بينما والدتها تُدعى آمنة إسماعيل، أما أشقاؤها فهم فادي، شادي، رشيد، محمد، أحمد، رشيدة، جميلة، جدال.
درست دلال المغربي في مدرسة يعبُد الابتدائية ثم في مدرسة حيفا الإعدادية التابعتين لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وبلغت المرحلة الثانوية، لكنها لم تكمل دراستها لتحصل على شهادة البكالوريا.
انتسبت دلال المغربي في سنة 1972، وهي على مقاعد الدراسة، إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وخضعت لعدة دورات عسكرية في معسكرات الحركة، تدربت خلالها على أنواع متعددة من الأسلحة، قبل أن تلتحق وأختها الكبرى رشيدة، في سنة 1973 بدورة تدريبية نظمتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وتخرجتا منها ممرضتين.
بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، انضمت دلال إلى “كتيبة الجرمق” أو “الكتيبة الطلابية”، وقاتلت في صفوفها، ما بين سنتَي 1975 و1977.
في سنة 1975، ارتبطت دلال المغربي بالخطوبة بأحد المناضلين الفلسطينيين، لكنها انفصلت عن خطيبها لأنه عارض نشاطها في صفوف الثورة الفلسطينية.
وفي كانون الأول 1977، كان موعد أولي لانطلاق عملية فدائية كُلفت دلال المغربي بقيادتها، فقَدِمت إلى بيتها لتودع أفراد عائلتها، وحضرت عيد ميلاد أخيها الصغير وقالت حينها لأختها وكاتمة أسرارها رشيدة، التي انخرطت مثلها في صفوف حركة “فتح”، “إن هذا آخر عيد ميلاد أحضره”، لكنها عادت بعد يومين إلى بيتها وقالت لأختها: “تمّ تأجيل العملية نظراً لسوء الأحوال الجوية”.
في يوم 9 آذار 1978، انطلقت سفينة من الساحل اللبناني تحمل مجموعة “دير ياسين” مؤلفة من 13 مقاتلاً من فلسطين ولبنان واليمن، تتقدمهم “جهاد”، الاسم الحركي لدلال المغربي.
وحملت العملية اسم كمال عدوان الذي كانت وحدة من الجيش الإسرائيلي قد اغتالته مع اثنين آخرين من القادة الفلسطينيين البارزين هما أبو يوسف النجار وكمال ناصر في حي فردان في بيروت الغربية، في 10 نيسان 1973.
وعندما بلغت السفينة الساحل الفلسطيني، نزل المقاتلون منها واستقلوا زورقين مطاطيين فرنسيين من نوع “زودياك”، لكن الزورقين ضلا الطريق في عرض البحر خلال يومين بسبب سوء الأحوال الجوية، وانقلب أحدهما ما أدى إلى غرق اثنين من المقاتلين، وذلك قبل أن تقذف الرياح بقية المقاتلين إلى شاطئ مستوطنة “معجان ميكائيل” التي تقع على بعد 25 كيلو متراً جنوب مدينة حيفا.
عندما وصل المقاتلون إلى الطريق الدولية بين حيفا وتل أبيب، وكان ذلك يوم السبت 11 آذار، استولوا على سيارة أجرة، كما سيطروا على باصين للركاب، وضموا ركابهما في باص واحد انطلق نحو مدينة تل أبيب، ونجح في تجاوز العديد من الحواجز التي أقيمت على الطريق؛ ولدى اقترابه من مدينة هرتسليا، وقعت معركة عنيفة بينهم وبين القوات الإسرائيلية دارت طوال ساعات.
لكن الأنباء عن سيرها تضاربت ولم تذكر المصادر الإسرائيلية عدد القتلى في صفوف العسكريين الإسرائيليين. إنما ما هو معروف أن المعركة أسفرت عن تفجير الباص بمن فيه.
وكان إيهود باراك، الذي يُعتقد أنه تزعم الوحدة التي قامت بـ “عملية فردان” في بيروت التي أسفرت عن مقتل القادة الفلسطينيين الـ3، أحد قادة وحدات الجيش الإسرائيلي التي تصدت لمقاتلي مجموعة “دير ياسين”، وقد ظهر بعد انتهاء عملية “كمال عدوان” في صورة بالقرب من جثمان دلال المغربي وهو يشده أمام كاميرات المصورين.
تركت عملية “كمال عدوان” أصداء واسعة محلياً وإقليمياً ودولياً، وأثارت جدلاً بين الجيش والشرطة الإسرائيليين بشأن تحديد المسؤولية عن نجاح أفراد المجموعة الفدائية في الوصول إلى الطريق الدولية بين حيفا وتل أبيب واحتجاز رهائن إسرائيليين.
وعندما وصل خبر العملية إلى الحي الذي تقطن فيه عائلة دلال المغربي، صُدم الجميع بالخبر، لأن دلال لم تكشف مطلقاً عن الجانب العسكري في حياتها ولم تظهر أبداً باللباس العسكري في حيّها.
ورفضت إسرائيل تسليم جثمان دلال المغربي وقامت بدفنها فيما يعرف بمقابر الأرقام الإسرائيلية، وهو المكان الذي تدفن فيه جثامين المقاتلين الفلسطينيين والعرب الذين نفذوا عمليات ضد إسرائيل، إذ يتم تسليم هذه الجثامين فقط حين تجري عمليات تبادل أسرى مع إسرائيل.
في 17 تموز 2008، طالب “حزب الله” في لبنان خلال صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل بإعادة جثمان دلال المغربي، واستعدت عائلتها، التي فقدت والد دلال، لهذا الحدث الجلل، فنُصبت الأعلام الفلسطينية فوق شرفة البيت، وجلست والدتها آمنة إسماعيل ترحب بضيوفها القادمين للتهنئة بقرب عودة رفات ابنتها، وتقف بصعوبة وهي تستعين بحفيدتها دلال ابنة السبع سنوات، لكن فحوص الحمض النووي التي أجريت على رفات جثامين خمسة من أفراد مجموعة “دير ياسين” الذين أعادتهم إسرائيل، أظهرت عدم إعادة جثمانها، الذي بقي غير معروف المكان.