رعى وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلاس مؤتمر الشرق الأوسط للدراسات المعاصرة، الذي دعت اليه الجامعة الاسلامية في لبنان بالتشارك مع معهد التنمية الاجتماعية في تركيا وجامعة عجلون الأردنية و شبكة الحوكمة و التحول الرقمي و باحثون عرب.
وقال وزير الشباب والرياضة الدكتور جورج كلّاس في كلمته:
و معالي رئيس الجامعة الاسلامية
الدكتور حسن اللقيس و مجلس الأمناء و العمداء
ايها الكرام
أعتزُّ شرفاً بتلبية دعوة الجامعة الاسلامية في لبنان لرعاية هذا المؤتمر العلمي الرائد و الاستباقي ، و المشاركة بأعماله بمداخلة تساؤلية ، تعكس إنشغالات المرحلة و تقوِّمُ بعض المفاهيم حول أستخدامات الذكاء بأنماطه الفطرية و الاصطناعية و الإفتراضية ، علَّ أعمال مناقشات و مداخلات مؤتمركم البحثي ، تصل إلى توضيحاتٍ و تقدم تحديدات و تزيل إلتباسات حادة حول مدى مواءمة الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسانية ..!
في مداخلتي اطرح قضية ؛ { { الذكاء الاصطناعي و سؤال الإبداعية }}..!
تنفتح اعمال هذا المؤتمر على اضمامة من المواضيع العلمية الساخنة ، التي تتطلَّبُ قدراتٍ مجهودةً لمقاربة كيفية الإفادة من (( الذكاء الاصطناعي في التعليم و تشجيع الابتكار )) ، مع الحرص على الإبداعية الملازمة للإنسان ، خلقاً و إختراعاً و تفنّنا و مبادرات ، إنطلاقاً من معادلة ، أن الذكاء الاصطناعي ، يستجيبُ لأسئلة ، لكنه لا يقدم مبادرات !
فهل هذا الذكاء المُصَنَّع قادرٌ على ان يبادر ؟
نهتم ان نسأل معاً ؛ كيف ننمّي الذكاء الفطريّ و الذكاء الطبيعي و نمكِّنُ هذين الموهبتين لأن يتكاملا مع الذكاء الاصطناعي كعنصر مساعد لهما و ليس كبديل عن العقل البشري ؟
في تناول امكانات الذكاء و تحديات التخصصات الاكاديمية ، و صعوبات التمايز و التألُّق و تقوية القدرات التنافسية بين المتخصصين ، يحضر السؤال : أي دورٍ للذكاء الاصطناعي في تعزيز مستقبل الإنسانية ؟ و في تحصين التمايزٍات و الفوارق بين الذكاء الطبيعي و الذكاء الافتراضي و الاصطناعي ؟
يتركز (الهدف الأساسي ) من التعليم ، على تنشئة أجيال قادرة على القيام بأعمال جديدة و متمكنين من ان يطوروا و يُحدِّثوا و يزيدوا على ما عرفوه ، لا ان يقدموا تكرارات لما أنتجته الأجيال السابقة .
الهدف هو بناء اجيال شبابية قادرة ان تبدع و تبتكر و تكتشف… و ان يخترع المستقبل . انه الذكاء الخلاق .
( الهدف الثاني ) من التعليم هو { تكوين العقول } ، و تغذية القدرآت الذهنية لتصبح عقولًا مالكةً القدرةَ على النقدِ و التذوّق و التقويم و التحقّق من كل ما تسمع و ترى و تقرأ و تقترح و تبادر ، لا ان تكون وسائط للنقل المعرفي و وسائل للتداول العلمي .
فهل يسبّب الذكاء الاصطناعي ( الإدمانية ) على الاستعانة ، و (الاتكالية ) على المعلومات المجهزة و يؤدي إلى التكاسل ؟ و يخفّف ذلك من الاندفاعية نحو الإبداع و الابتكار ، او يبقينا في وقوفية موصوفة ،و دائرة زمنيّة مغلقة ؟
هل يرقى الذكاء إلى المستوى الإبداعي الادبي و الوجداني ، شعوراً و تفكيرا و وضع حلول ؟
فمنْ يقودُ منْ ؟ الذكاء الاصطناعي ام الفطري ؟
و ما هي مسببات فورة انطلاق الذكاء الاصطناعي و شيوع الاحتفاليات حوله باندفاع و تسابق ؟
و هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الذكاء الفطريّ و الطبيعي ، و في أي مجال ؟
تنسلُّ عن هذه التساؤلات ، عناوينٌ بحثية ، ركيزتها ؛
الذكاء الاصطناعي و النوعية !
الذكاء الاصطناعي و القيم الأخلاقية !
الذكاء الاصطناعي و التعاليم الروحي
الذكاء والتقاليد الاجتماعية
الذكاء و قضية الإنتماء و الإلتزام!
الذكاء كمشاع مفتوح .
ثم إلى اي مدى يشكل عنصرا مساعد للإنسان ؟
أم انه يحمل اخطاراً على البشرية ؟
اي دورٍ للذكاء الاصطناعي في تفعيل الذكاء الطبيعي و تنميته ، من حيث انه عملية تطورية و لحظية واسعة و دائمة النمو ؟
ماذا بعد الذكاء الاصطناعي.. ؟ البشرية إلى أين ؟
و ما هي التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي على الاقتصاد و البطالة و فرص العمل .. ؟
و السؤال الذي يلحُّ اكثر هو : كيف تتم عملية ردم الهوة بين عدد الوظائف و التخصصات التي ستختفي ، او سيتم الاستغناء عنها بسبب ظاهرة او عصر الذكاء الاصطناعي ،مقارنة بالوظائف الجديدة التي ستنشأ مع هذا تقعيد هذا النمط من الذكاء ؟ و هل من خوف ان يحلَّ جيل الروبوتات جزئياً محل المجتمع البشري ؟
تطرحُ ايضاً مشكلة غياب (ميزة التمايز ) ،التي هي شبيهة بالبصمات الانسانية. فمع تصنيع الذكاء لن يعود هناك فرادة . بمعنى ان أيَّ جوابٍ اصطناعي على اسئلة افتراضية او واقعية قد يكون طبق الأصل . عندها ستفتقد النوعية الإبداعية و يموت الفكر .
ثم ماذا عن البطالة التخصصية ؟
هل ان تنامي موجة الذكاء الاصطناعي ستفرض نفسها بقوة على المقررات و البرامج المدرسية و ننتقل الى أنماط و رؤى جديدة من المناهج ؟
و هل ستضعف إختصاصات لتحل مكانها اختصاصات جديدة ؟ هل سيتم الاعتراف بمفاعيله الاكاديمية و الاعتماديّة رسمياً ؟
مَنْ يراقب { معايير الجودة } في تعليم و نتاجات الذكاء الاصطناعي ؟ً
هل من قيم يهددها ؟
التحدي الأكبر هو ؛ كيف نستخدمه للخير العام و تقدم البشرية و رفاهيتها ؟
هل هو ذكاء مادي لا مكان للعاطفة و الشعور فيه ؟
هل مؤسساتنا التعليمية و الجامعية مؤهلة لاستخدام الذكاء الاصطناعي و لتعليمه ؟ و هل من جهاز أكاديمي مؤهل لذلك ، و كيف تتأهل لهذا العصر ؟
هل الجامعات ستتقدم بطلبات إعتماد لادخال الذكاء الاصطناعي الى برامجها و مناهجها التخصصية ؟
ما هو موقف النقابات المنظمة بقانون. من إنشاء اختصاصات دقيقة تعتمد الذكاء الاصطناعي ضمن الاختصاص العام ، للجامعات رأيها الصلب في تحديث و تغيير مناهج التخصص التي تسمح بالحصول على اذن مزاولة المهنة ؟
هل الجامعات تدرس إمكان تأسيس اختصاص اكاديمي عنوانه ( الذكاء الاصطناعي) و يتفرع منه إختصاصات تحاكي الاختصاصات التقليدية ؟
الانسانية ستتحول من منتج للذكاء الطبيعي إلى مستهلكٍ لمنتوجات هذا الذكاء ، و منها إلى إدارة الذكاء ؟ هل يمكن إدارة منتجات الذكاء كمثل إدارة المعلومات ؟
أخطر التساؤلات الواقعية حول الاشكالية الافتراضية التي يطرحها عنوان هذا الموتمر العلمي ، هي ( منْ يحمي مستهلك الذكاء الاصطناعي ) ؟ تماثلاً مع حماية المستهلك الغذائي ؟
كلُّ نشاط ذهني يبقى من دون تطوير و إدخالات و اضافات ، يصبح من التراث .
في هذا الصرح نسأل ما هي ظروف و معايير و محاذير توظيف هذا النمط من الذكاء في ؛
التشريع ؛ فهل بإمكان هذا الذكاء مثلا ان يقترح او يضع مشاريع قوانين و يناقشها ؟ هل ممكن تقديم مشروع موازنة معدة ببرنامج ذكاء و إفتراض نقاشات حولها من نواب افتراضيين ؟
و منه إلى القانون و الدستور و الاجتهاد
التعليم و الإختصاص و إستخداماته في القطاعات الصحية
و الزراعية و الصناعية و الاقتصادية و البحوث العلمية ..!
و اي رؤية للدولة من إعتماد الذكاء الاصطناعي في الادارة ؟
في بلد تكاملي الصيغة، و هذا مصطلح قعَّده دولة الرئيس نبيه بري ، للدلالة إلى لبنان الذي يتكامل بأبنائه و بما يمثله من قيم حضارية وانسانية و تراثية متفاعلة ، نطرح : كيف يخدم الذكاء الاصطناعي ارادة الحوار و الرغبة التلاقي و وضع استراتيجية لبناء الأفكار و الجسور بين الجماعات؟.
هذا المؤتمر ، بتبنيه و مشاركيه و عناوينه ، يشكل تحدياً بحثياً ، يؤصّل و يقارن و يوازن ، و يحمل تطلعات جادة لبناء مستقبل علمي ينفتح على انشغالات تخصصية واسعة . و الجامعة الاسلامية هي الصرح الاكاديمي المؤهل ، بالتشارك مع المحاضرين الثقة لمواكبة كل مستجد علمي و الانتهاء إلى خلاصات بحثية تثري و تفيد ، و تقدم خدمة للأجيال و الخير العام و الانسانية . و هذا ما يُحرِّضُ على التفكير بمستقبل الانسانية و ماذا بعد الذكاء الاصطناعي ؟
كل التمني للجامعة بالنجاح في هذه المهمة الحضارية الحاملة التحدي .
معاً نؤكد اننا دائمو الاستعداد لأن نتابع مسيرة التألق و ان قادرون على إستئناف الحضارة ..!
حمى الله شبابنا و رحم الشهداء الذين يرسِّمونَ كرامة لبنان بدمائهم ، و يفتدون سيادتنا بأرواحهم ، ليبقى لنا وطن..!”