الذكرى الـ 19 لـ 14 آذار: وصاية الحرب والفراغ

14 مارس 2024
الذكرى الـ 19 لـ 14 آذار: وصاية الحرب والفراغ

 

كتبت ” النهار”: يصادف اليوم، 14 آذار 2024، الذكرى الـ 19 لـ”انتفاضة الأرز” التي تجسدت في ثورة سيادية لبنانية على عصر الوصاية السورية واستباحتها للدولة والأرض والمؤسسات طوال حقبة مديدة أدت بعد تفجر حرب الاغتيالات الى تفجير ثورة اللبنانيين، بمعظم فئاتهم وطوائفهم باستثناء الفئات المرتبطة بالنظام السوري الاسدي والنظام الإيراني، الى ثورة خارقة اقتلعت الوصاية السورية الأسدية من لبنان. تفرض الذكرى وقعها التاريخي الثقيل بعد 19 عاما في واقع صادم يبدو معه لبنان كأنه تقهقر وتراجع تراجعات مذهلة، ان لم يكن الى عصر وصاية خارجي، فإلى وصاية مركبة داخلية – إقليمية شديدة الوطأة تتمثل راهنا بوصاية كابوس الحرب المفروضة على لبنان قسراً بقرار احادي من ” حزب الله”وهاجس اتساعها المدمر من جهة، ووصاية الفراغ الرئاسي المتمادي منذ زهاء سنة وخمسة اشهر أدى خلالها الى تراكم ونشوء تداعيات بالغة الخطورة على مسار الدولة والمؤسسات الدستورية بما فاقم أزمات الانهيار التي يرزح تحتها لبنان منذ العام 2019. تبعا لذلك تحل الذكرى الـ 19 لثورة الأرز كحنين وجداني يتردد في كل جنباتها قسم جبران تويني الذي غدا اقرب الى نشيد الوحدة الوطنية في مقارعة الوصاية والاحتلال والتحرر، والذي قضى غيلة مع سائر شهداء الانتفاضة السيادية على درب انعتاق لبنان من الوصاية، فاذا بالزمن الراهن يعيد اللبنانيين الى تشرذم وخلل وتمزق وفراغ وقلق متعاظم مخيف من حرب لا احد يملك ضمانات لطمأنة اللبنانيين الى انها لن تحصل. واما الواقع السياسي الداخلي فحدث ولا حرج امام خلل خطير في ميزان القوى تترجمه سلطة أحادية لا توازن فيها وتفرق للقوى المعارضة والسيادية وتشبث بضرب الدستور والأصول من خلال الإمعان في الفراغ تحت شعارات ومناورات هدفها اما السيطرة بفرض رئيس لفريق التعطيل وأما إطالة الفراغ الرئاسي الى امد غير منظور.

 

 

وكتب النائب السابق فارس سعَيد في “النهار”:
 في ذكرى انتفاضة الرابعِ عشر من آذار 2005، يتأكد ما جعلَ هذه الأخيرة نموذجاً بارزاً واستثنائياً لإمكانيَّة التغيير السلمي في منطقتنا العربية. وبهذه المناسبة، فإنّ أكثرَ ما يلْفتُ النظرَ اليوم هو اختلالُ التوازن الداخلي بصورةٍ فادحة لمصلحة التطرُّف ومرجعياته الخارجية، فيما سائرُ القوى، بما فيها الدولةُ، هي خارجَ الاعتبار والحُسْبان، سواءٌ في القرار السيادي أو الاقتصادي أو حتى الخيارِ الوطني في العيش معاً.
 
انّ طريقَ التغيير وصولاً إلى خلاصٍ لجميع اللبنانيي، إنما تبدأ بالعمل الجادّ لاستعادة التوازُنِ الوطني الذي لا سبيلَ إلى تحقيقه إلا بنشوءِ جبهةٍ وطنيةٍ واسعة وغير فئوية، قياساً على ائتلاف الرابع عشر من آذار 2005، لا استنساخاً له؛ ونعوِّلُ كثيراً على الذين راجعوا أنفسهم واستخلصوا الدروسَ والعِبَر من التجربة.
وفي هذا الصَّدد نَنْحو باللائمة على القوى السياديّةِ والاستقلالية القائمةِ فعلاً أو افتراضاً لجهةِ تشرذُمِها واختلافِ أولويّاتها، وصولاً إلى ما قد يبدو اختلافاً في الخيارات الوطنية، لأسبابٍ شتّى نرى في مقدَّمِها: الشخصانيّةَ والفئويّةَ والرهاناتِ المتباينة، وأحياناً الرغبةَ في لعبِ دورٍ “بيضة القبّان والترجيح” بين مشروعاتٍ أو أجنداتٍ متعارضة!
كلُّ ذلك أخرج قضيةَ التغيير، وبالتالي الخلاص، من يد الداخل اللبناني وجعلها في يد الخارج، بحيثُ أصبح الجميع في حالةٍ انتظاريَّة، فيما الواقعُ اللبناني يتدهوَرُ بسرعةٍ قياسية.  

وكتب بشارة شربل في” نداء الوطن”: لا تنفصل 14 آذار عن محطات شكّلت منعطفات مضيئة في تاريخ لبنان وأوصلت الى انشاء الكيان، ثم الاستقلال القائم على العيش المشترك والتنازلات المتبادلة بصيغة حياد لم تتنكر للانتماء.
اليوم ومع انزلاق البلاد الى حرب «مُشاغلة» عبثية وتدميرية، نستذكر كل هؤلاء الذين سقطوا «على طريق لبنان». صحيح أننا لم نصل معهم الى ما استشهدوا لأجله وابتغيناه، لكن دماءهم لم تذهب هدراً، إذ كلما جرى توريط لبنان في مشروع خارجي نتأكد أننا في حاجة الى الشعارات والقيم نفسها التي رحلوا من أجلها، وإلى «العبور الى الدولة» يوماً ما. ولن تقوم قيامة لبنان الحر الموحد السيّد إلا اذا استلهمناها في كل وقت أياً تكن العقبات.