الأكيد، وبغض النظر عن كيفية تدحرج المعركة، وعن نتائجها ايضاً، أن الحديث عن التسوية السياسية في لبنان بات امراً واقعاً بغض النظر عن التوقيت، اذ ان المعارك المندلعة في المنطقة لا يمكن حسمها او انهاؤها الا بتسوية شاملة إن كان للقضية الفلسطينية او للازمات الداخلية التي تعاني منها الدول المعنية بالصراع مثل سوريا والعراق ولبنان وحتى دول الخليج وايران.
وبحسب مصادر مطلعة فإن التسوية اللبنانية قد تشمل جوانب متعددة، لكن الجانب الابرز هو السياسي، اذ هناك مصلحة دولية واقليمية بالذهاب الى استقرار في الداخل اللبناني للبناء عليه حدودياً وعلى مستوى الصراع مع اسرائيل، لذلك بدأت القوى الاساسية في لبنان التمهيد للتسوية ولكيفية الاستفادة منها عبر تحسين شروطها وظروفها، ولعل التصريحات السياسية التصعيدية في المرحلة الحالية تهدف إلى هذا الامر.
وترى المصادر أن القوى المسيحية، وبغض النظر عن انتمائها السياسي، وجدت انها ستكون خارج اي تسوية مقبلة في حال استمرت القوى الدولية بالتفاوض مع “حزب الله” حول وقف اطلاق النار، على اعتبار ان اي حل سيحصل لايقاف الحرب سيتمكن الحزب من “قطف” ثماره السياسية في الداخل، وأضعف الإيمان هو إيصال مرشحه إلى رئاسة الجمهورية رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية المتحفظ عليه من جزء كبير من المسيحيين.
وتشير المصادر إلى أن قيام الاحزاب المسيحية بإنقلاب سياسي او تغيير فعلي في مواقفها الرئاسية في هذه اللحظة سيسبب لها أزمة شعبية، لذلك فإن الهدف اليوم هو الوصول إلى قواسم مشتركة مع “قوى الثامن من اذار” تمهد الطريق للتوافق على اسم مرشح غير سليمان فرنجية يطمئن “حزب الله” ولا يكسر معارضيه، ومن هنا باتت مبادرة “كتلة الاعتدال” تحظى بشبه اجماع من معارضي الحزب وفرنجية لانها تشكل لهم مخرجاً لائقاً نحو التقارب مع خصومهم.
من الواضح أن هناك نقلة نوعية في تعاطي قوى المعارضة مع المبادرات السياسية وتحديداً الحوارية وهذا الامر يعود إلى رغبة واضحة في مواكبة التسوية، لتبقي الازمة الاساسية لدى “التيار الوطني الحرّ” غير القادر على مواكبة التطورات الا من خلال تنازل علني لحليفه السابق “حزب الله” الامر الذي سيؤدي الى تضرر صورته امام الرأي العام وظهوره بمظهر التابع.