وإعتبارات تفويت الفرصة على نتانياهو وفريقه المتطرف والمتهور، كانت وراء حفاظ حزب الله على قواعد الإشتباك في المواجهات اليومية مع الجيش الإسرائيلي، والتركيز على قصف المواقع والثكنات العسكرية، والأجهزة اللوجستية، من أعمدة كاميرات ورصد وتجسس، رغم التصعيد المتعمد من الجانب الإسرائيلي، والذي وصل إلى إستعمال الطيران الحربي والمسيّرات في شن غارات يومية على القرى الجنوبية، وتدمير الآف المنازل، وتخريب البنية التحتية، فضلاً عن سقوط مئات الشهداء من المقاتلين والمدنيين.
وبدا واضحاً أن التفاهم الإيراني والأميركي أدّى أيضاً إلى خروج الساحة العراقية من المواجهة، خاصة بعد قصف القوات الأميركية لقاعدة التنف من قبل «كتائب حزب الله العراقية»، وما أعقبها من إغتيال السلاح الجوي الأميركي لقائد الكتائب أبو باقر الساعدي، الذي أعلن مسؤولية ميليشياته عن قصف القاعدة الأميركية وسقوط عدد من الجنود بين قتيل وجريح، فكان أن زار قاآني بغداد، وطلب من تحالف الميليشيات الإيرانية، إسكات المدافع وإيقاف الصواريخ والمسيّرات، وعدم التعرض للقواعد الأميركية في العراق، أو في المناطق الأخرى.
ويبدو أن الهاجس الإيراني الأبرز وراء إبرام التفاهم التكتيكي مع الولايات المتحدة الأميركية بعدم توسيع الحرب خارج غزة، هو حماية المشروع النووي الإيراني، الذي وصل إلى مراحله الأخيرة، وعدم إعطاء ذريعة لنتانياهو بتنفيذ تهديداته السابقة بضرب منشآت المفاعل النووي، بحجة الرد على إيران وحلفائها في حال دخولهم بشكل مباشر وفعّال في حرب غزة، عبر فتح الجبهات الأخرى.
ولعل الحسابات الإيرانية أخذت بعين الإعتبار إيضاً، تجنب النتائج المترتبة على حرب مفتوحة بين إسرائيل وحزب الله، سواء على بنية الحزب، أو على بيئته، وبالتالي على الوضع اللبناني المتهاوي أصلاً، وما يعانيه من مقاطعة عربية، لا سيما خليجية، مما يجعل من مسألة إعادة إعمار ما تهدمه الحرب عملية بالغة التعقيد، على عكس ما كان عليه الوضع في حرب تموز ٢٠٠٦.