وقال ياسين ل” الاخبار”: خطة الطوارئ تحاكي سيناريو وقوع حرب واسعة بالاستناد إلى ما حصل في تموز 2006 كونها تتيح المقارنة المعيارية. والاعتداءات في غزة أعادت إلى الأذهان الصورة ذاتها، وهذا ما فرض أسئلة عن الاستجابة لما يحصل ويمكن أن يحصل. لذا، أعدّت الخطّة بنسختها الأولى، بناء على تصوّر أن عدد النازحين سيصل إلى مليون شخص على مدى 45 يوماً من المعارك والحصار الذي يتضمن إغلاقاً كلّياً للمرافئ والمطارات. وتبيّن لنا وجوب التنسيق مع الوزارات والمجتمع المدني وكل القطاعات القادرة على المؤازرة. هكذا باشرت الدوائر المعنيّة في كلّ وزارة، بتحديد ما لديها من مؤن على شاكلة الغذاء، والوقود، وأدوات تعقيم وغيرها. وحدّدت مناطق على الخرائط تبعاً لمستوى المخاطر بالاستناد إلى ما حصل في 2006: مناطق حمراء (اعتداءات مباشرة)، صفراء (خط دفاع أول لفرق الإغاثة)، وخضراء (بعيدة عن الحرب وأكثر أماناً).
حتى الآن، لا موارد متاحة لدى الحكومة.
بالاستناد إلى دراسة الكلفة التي قدّرتها لجنة الطوارئ بناء على عدد أيام الحرب وحاجات الإيواء لـ80% من النازحين المفترضين، تبيّن أن هناك حاجة إلى مبلغ يراوح بين 120 مليون دولار و150 مليوناً، أما إذا توسّعت الحرب أكثر، فستحتاج اللجنة إلى موارد أكبر. على هذا الأساس دعونا المنظمات الدولية لوضعها في هذه الصورة، وهي من المرات القليلة التي تُدعى هذه الجهات من دون أن تبادر. تبيّن أن لدى هذه المنظمات أموالاً مرصودة للإنفاق في لبنان على مشاريع محدّدة سابقاً مثل الخطة المعروفة باسم 3RF التي وضعت بعد انفجار المرفأ لإغاثة وإعادة ترميم المنطقة، ومشروع LCRP الخاص بالنازحين السوريين في لبنان. لذا، نقل بعض التمويل إلى الخطة، ولا سيما أن الاعتداءات سبق أن بدأت في الجنوب، وبدأ النازحون بالوصول إلى صور، وصارت الأمور تأخذ منحى مغايراً. بمعنى آخر، المنظومة موجودة وتم تطويرها عبر تقسيم القطاعات إلى 10: الأمن الغذائي، الإيواء، المساعدات الأساسية، الحماية، المياه، الخدمات الصحية، التجهيزات اللوجستية، الاستقرار الاجتماعي، التغذية والتربية. كل قطاع تتولى إدارته الوزارة المعنيّة بالمشاركة عدد من المنظمات.
ومع بدء الاعتداءات على لبنان، انتقلت اللجنة إلى سيناريو يعتمد على أعداد النازحين الفعليين إنما بتقدير أن فترات النزوح أطول. فقد ارتفع عدد النازحين من 4 آلاف في الأيام الأولى ليبلغ 90 ألفاً مع احتمال وصول 100 ألف آخرين، أي 200 ألف نازح. هناك 50 ألف صامد في قرى المواجهة، بينما 98% من النازحين يسكنون في بيوت بعدما استضيفوا في قرى محاذية لمناطق المواجهات، و2% في مراكز الإيواء التي فُتحت في مدينة صور فقط. فقد انتقل عدد كبير من النازحين إلى هذه المراكز، إلى منازل أقارب أو فُتحت لهم منازل. في فترات النزوح الطويلة الأفضل السكن في منازل وليس في مراكز إيواء. وهذا الأمر حصل على قاعدة التكافل، وجزء منه له علاقة بحزب الله ومؤسّساته، وله علاقة بالبلديات أيضاً، أو بقدراتهم المالية وصلاتهم العائلية.
هنا، تغيّرت الكلفة والحاجات والسيناريو المتوقع. السيناريو الذي نعمل عليه الآن هو الأقرب إلى الواقع، أي فترات نزوح طويلة أو عدد نازحين أقل، وفي حال توسعت الحرب، نعود للخطة الأولى.
حتى الآن، وزّعت مساعدات على النازحين بقيمة 20 مليون دولار مصدرها المنظمات الدولية. وبناء على تقديرات السيناريو حول مدة النزوح التي ستمتد إلى الصيف، فإن الحاجة التمويلية تبلغ 76 مليون دولار حتى حزيران، ولكن لم يتأمّن من هذا المبلغ سوى 17 مليون دولار من موازنات سابقة للمنظمات الدولية التي أعادت توزيع بعض المخصصات المالية، إنما ما يثير «النقزة» هو تشدّد الدول المانحة في مسألة التمويل. الواضح أنّ المانحين لا يريدون المساعدة. يقولون للمنظمات الدولية تصرفوا بالموجود، إنما لا مانع لديهم من نقل الموجود في الموازنات. نحن بحاجة أن تفكّ الدول المانحة تشدّدها. هذا التشدّد سياسي. لكن نحن بحاجة إلى همّة ديبلوماسية أكبر. نلحظ غياب الدول المانحة الأساسية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وألمانيا التي موّلت خطط الاستجابة للنازحين السوريين بوضع عشرات الملايين بأيدي المنظمات.
الدول المانحة أبلغت هذه المنظّمات أنه لا وجود لتمويل إضافي حالياً.
بغاية التمويل، سندعو إلى مؤتمر للهيئات المانحة على مستوى السفراء يعقد في لبنان لوضعهم في صورة الوضع الخاص في الأشهر الماضية، وسنطلب تمويلاً إضافياً. وفي حال حصل وقوع الحرب الشاملة، فنذهب إلى طلب الدعم السريع من الدول المانحة، إذ لا شروط تمويلية أثناء الحروب.