لتطبيق الدستور ولا تكريس لأعراف

20 مارس 2024
لتطبيق الدستور ولا تكريس لأعراف

استأنف سفراء «اللجنة الخماسية» حراكهم سعياً لإيجاد حل لأزمة عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على أن يستكملوا لقاءاتهم في الأيام المقبلة مع عدد من الأفرقاء والقيادات.

وكتبت” النهار”: اوحت انطلاقة التحرك الجديد امس لسفراء مجموعة الدول الخمس المنخرطة في جهد ديبلوماسي – سياسي جماعي للدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية يضع حداً للفراغ الرئاسي المتمادي منذ سنة وخمسة اشهر، بان “شيئا ما” متطورا زاد على الجهد السابق لمجموعة السفراء الخمسة، اقله لجهة رفع وتيرة الجهد الضاغط على الافرقاء المحليين من دون ان يعني ذلك ان “اختراقا” تحقق او في طريقه الحتمي إلى أبصار النور. ولعل النفحة الممعنة في ابراز “الإيجابيات” التي دأب السفير المصري علاء موسى على تعميمها، متحدثا باسم زملائه، ساهمت في إضفاء أجواء “استبشار” حيال التحرك الجديد الذي يمتاز عن التحرك السابق بانه سيكون شاملا للقيادات السياسية، ولو على تقطع، بما يؤدي افتراضا كما أوحى السفير الى طرح المجموعة الخماسية “خريطة طريق” على هذه القيادات وما يعنيه ذلك من ترسيخ التزام المجموعة الخماسية وانخراطه “التفصيلي” ربما في شق طريق الحل لانهاء ازمة الفراغ الرئاسي. على انه من دون شك فان العلامة الفارقة والنقطة اللافتة التي ميزت انطلاقة التحرك المستجد للسفراء الخمسة كانت في بكركي بالذات حيث تبلغ السفراء موقفا جازما من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من شأنه ان يرسم معيارا غير قابل للتجاوز خصوصا انه يتقدم ويتقاطع مع موقف القوى المعارضة لجهة التمسك بالدستور في العملية الانتخابية، وتاليا رفض تكريس أي اعراف لجهة اشتراط ربط الجلسة الانتخابية المفتوحة كما ينص عليها الدستور باي مؤتمر او منتدى او لقاء حواري يسبقها.
وفي هذا السياق أكدت مصادر سفراء مجموعة الدول الخماسية لـ”النهار” أنه حتى اللحظة “لم تتمّ بلورة خريطة الطريق”، وأن هدف الجولة الجديدة للسفراء هو “التثبّت من استعداد القوى السياسية للانخراط في العملية السياسية أولاً”، لكنّها استطردت قائلة: “إن ركيزتها التوافق”. وبحسب المصادر نفسها، فإن سفراء الخماسية يقومون بدور المسهّل للتواصل بين الأفرقاء السياسيين، وهناك مؤشرات إيجابية من اللقاءات السابقة. وعن اختلاف وجهات النظر اللبنانية حول من يترأس الحوار، أجابت المصادر الديبلوماسية أن دور الخماسية هو “تقريب وجهات النظر، والمساعدة في استعادة الثقة المتبادلة وليس إقناع أيّ طرف بمواقف الطرف الآخر”. 

وكتبت” نداء الوطن”؛ دخل سفراء اللجنة الخماسية أمس مجدداً مقر الرئاسة الثانية كي يسألوا الرئيس نبيه بري عن جديد موقفه من الاستحقاق الرئاسي. فسمعوا جواباً مشابهاً لما قاله في 30 كانون الثاني الماضي عندما التقاهم. وقد وضع الجواب في مضمونه العربة قبل الحصان، بذريعة «الحوار أولاً»، التي صارت الآن «التفاهم أولاً». 
واعربت المصادر الديبلوماسية عن «تفاؤلها»، واصفة اللقاء بأنه»ممتاز»، لكن مقابل هذا التفاؤل تحدثت المعلومات عن أن الاتفاق بين بري و»الخماسية» جرى على النحو الآتي:
أولاً: يُدعى الى عقد لقاء تشاوري، فاذا اتفق المتشاورون على المستوى النيابي يُدعى الى عقد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية. وإذا لم يتم الاتفاق في جلسة التشاور، يصار أيضاً الى دعوة المجلس لجلسة انتخاب.
لكن المعلومات تضيف أنّ بري وافق على فتح البرلمان لانتخاب رئيس جديد للجمهورية «لكن بشرط ألا تكون جلسات مفتوحة»، أي أنه سيدعو الى جلسة فاذا لم ينتخب الرئيس خلالها يقفل المحضر، دون أن يفسح المجال لدورة ثانية من الانتخاب، فيكون انعقاد أي جلسة تالية يستوجب توفير نصاب الثلثين، وبالتالي لم يتغير الوضع عن الجلسات السابقة. وتخلص المعلومات الى القول إنّ الحوار بين بري وسفراء «الخماسية» أمس لم ينتهِ الى اتفاق على آلية لتوجيه الدعوة الى التشاور ومن سيشارك فيه، بل تم الاتفاق فقط على الفكرة.

ومن عين التينة الى بكركي حيث المحطة الثانية في جولة «الخماسية». وأشارت معلومات «نداء الوطن» الى أنّ اللافت في زيارة سفراء اللجنة للصرح البطريركي، عدم طرحهم أفكاراً لحل الأزمة الرئاسية، بل حاولوا جوجلة الأفكار والطروحات، وكان كلامهم في الإطار العام المنادي بضرورة انتخاب رئيس والتحذير من خطر الفراغ ودعم الخيار الثالث، وبالتالي لا تزال الأمور في إطار التشاور، ولم يبشر السفراء البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بأي حل، وأكدوا لقاءه مجدداً عندما تنتهي الجولة. وأكدت مصادر بكركي لـ»نداء الوطن» أنّ السفراء لم يطرحوا أي اسم للرئاسة. فيما كان البطريرك حازماً في رفضه «اللف والدوران». واعتبر أن مسألة انتخاب الرئيس تحتاج الى أمر واحد وهو احترام الدستور والتئام النواب في المجلس وممارسة دورهم، بينما الحوار أو الاتفاق المسبق على الرئيس هو هرطقة دستورية، وهذا لن تسمح به بكركي.

وكتبت” الاخبار”:تقاطعت المعلومات حول اللقاءين على «عدم وجود وقائع جدية يُبنى عليها للتفاؤل في ما خصّ الانتخابات الرئاسية»، وأن ليس «لدى السفراء الخمسة رؤية محددة بالنسبة إلى هذا الملف»، باستثناء «التأكيد على انتخاب رئيس في أسرع وقت وعلى أهمية التشاور بين القوى السياسية حول اسم توافقي». وبحسب أكثر من مصدر مطّلع «خرجت الخماسية من التسميات، بسبب الخلاف بين أعضائها على المرشحين، إذ إن لكلّ منهم مرشحاً، وعادت إلى التركيز على المبادئ العامة التي تتمحور حول ضرورة التشاور بين القوى السياسية، وحول الانتخاب وضرورته في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة وتحتّم وجود رئيس للجمهورية». وقالت المصادر إن حراك السفراء الخمسة «يهدف فقط إلى إثبات الحضور والإيحاء بوجود اهتمام إقليمي ودولي بهذا الملف»، إذ إنهم «يدركون جيداً استحالة تحقيق انفراج في الأزمة الرئاسية قبل وضوح الصورة حيال مآل الحرب في غزة وتداعياتها على الجبهة الجنوبية». إلا أنهم، وفق المصادر، «يعملون وفقَ القاعدة التي يعمل عليها (المبعوث الأميركي عاموس) هوكشتين، بوضع إطار عام للاتفاق السياسي جنوباً في انتظار التوصل إلى هدنة في غزة، وحين يتحقق هذا الأمر يُصبِح سهلاً الحديث عن المفاوضات في لبنان». وبالمثل، فإن «الخماسية تحاول أيضاً وضع إطار للانتخابات الرئاسية من خلال خلق قاعدة مشتركة بين القوى السياسية يُمكن الانطلاق منها فورَ انتهاء الحرب لانتخاب رئيس توافقي». وكشفت المصادر أن «الملف الرئاسي لم يكن وحده محور الحديث في لقاءات الخماسية، بل تمّ التطرق إلى الوضع الأمني والمخاوف من تطور الأمور تصعيدياً»، ومن هذا المنطلق «جرى التشديد على فكرة انتخاب الرئيس في أي هدنة قريبة».
رجّحت المصادر أن تدخل الخماسية بعد هذا الحراك في عطلة جديدة، مع سفر البخاري إلى بلاده في إجازة من منتصف شهر رمضان إلى ما بعد الأعياد، وفي ظل عدم تحديد موعد زيارة للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، خصوصاً أن «الاتصال بينه وبين الرئيس بري قبلَ أيام لم يحمل ما يدفعه إلى المجيء إلى بيروت».
وكتبت” اللواء”: في رأي مصادر سياسية إن ما يجري على جبهة لقاءات سفراء اللجنة الخماسية في بيروت مع القيادات الرسمية والروحية والسياسية المعنية بصورة مباشرة بإنهاء الشغور في الملف الرئاسي، لا يندرج ولا ينبغي ان يندرج في اطار «شراء الوقت» او الحركة في الوقت الضائع، بل أبعد من ذلك، اقله ابقاء جذورة الملف الرئاسي حيّة، فعندما يحين الوقت، تكون كل الاجراءات جاهزة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقالت المصادر لـ«اللواء» ان ثمة ما يلوح في الافق، ويعكس جدية الحركة الدبلوماسية، التي تقاطعت في نقاط عدة مع مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني» النيابي، الذي طرح مبادرة للخروج من المأزق، ما تزال تنتظر جواب حزب الله عليها.

وكتبت” الديار”: تحرك سفراء «اللجنة الخماسية» بالامس بين «عين التينة» والبطريركية المارونية، ووفقا لمصادر مطلعة، فانهم يدورون في «حلقة مفرغة»، لم ينجح هؤلاء في تحقيق اختراق رئاسي، وهم يدركون انه من الصعب فصل الاستحقاق الرئاسي عن الحرب في غزة، لكنهم يحاولون ايجاد ارضية صالحة للتسوية في مرحلة ما بعد توقف المواجهة العسكرية. وحتى الآن، يتجنبون طرح الاسماء، لكنهم يصرون على ضرورة حصول مرحلة من «التشاور» بين الكتل النيابية، تمهيدا لعقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس.
 لكن حتى هذه الخطوة لم تتبلور بعد، ويمكن القول ان رحلة» الالف ميل» لم تبدأ بعد، ولم يصل الحراك الى مرحلة النضج، وقد برز ذلك من خلال تعبير عدد من السفراء عن «خيبة املهم» من تعثر مبادرة نواب «الاعتدال الوطني»، فهي لم تمنح الزخم الذي كانوا يعولون عليه للبناء على قاعدة داخلية صلبة للانطلاق في تذليل العقبات، والامور لا تزال «ضبابية»، ولا يمكن الحديث عن بداية انفراج حتى الآن.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «الراعي جدد موقفه الرافض لتكريس أعراف تسبق الانتخابات الرئاسية وتحديداً الدعوة للحوار». ولفتت إلى أن الراعي كان واضحاً بوصفه أن «الطريق القصيرة والسهلة لانتخاب رئيس هي تطبيق الدستور، بدل سلوك طرق غير مضمونة النتائج، وذلك عبر عقد جلسات متتالية لإجراء الانتخابات وليفز عندها من يحصل على أكبر عدد من الأصوات».
وعن موقف السفراء حيال رفض الراعي للحوار، أجابت المصادر: «كان هناك تفهم منهم لوجهة نظره، لكن يبدو أن هذا الخلاف لا يزال عائقاً أمام إنجاز الاستحقاق مع تمسك الأفرقاء بموقفهم… ورفضنا للحوار يجعل داعميه يتهموننا بالعرقلة».

وفد سفراء اللجنة الخماسية ضمّ سفيرة الولايات المتحدة ليزا جونسون والسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو وسفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري والسفير المصري علاء موسى وسفير قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني. وكانت عين التينة اولى محطات السفراء، وحرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على القول ان “اللقاء  كان جيداً وسيتكرر، والتوافق قائم على ضرورة إنجاز التفاهم توصلاً لتحقيق الإستحقاق”. وأوضح السفير المصري ان “الهدف من هذا اللقاء التأكيد على ما سبق وأعلنه الرئيس بري أنه ملتزم في بذل كل المساعي من أجل إنتخاب الرئيس وتسهيل العملية الانتخابية”. وتحدث عن الإشارات الجديدة التي دفعت الخماسية لإستئناف حراكها “وتتلخص بعنوان رئيسي وهو المرونة، فهذا الإستحقاق وكما تعلمون جميعا ومنذ بداياته كان هناك مواقف حدة بعض الشيء، وبالتالي ما نسعى اليه التقليل من هذه الحدية والبحث عن أرضية مشتركة. وما تلقيناه في الايام الاخيرة من اشارات إيجابية تجعل الامر اكثر مرونة، وبالتالي ممكن أن نخلق هذه الارضية التي تحدثنا عنها وخلق المناخ الذي يساعد في الوصول لإحداث إختراق في الملف الرئاسي”. وقال ان: “الخرق الملموس هو أن الكتل السياسية عندها قناعة الآن بأن التوافق في ما بينها هو شيء مهم للغاية. وعندما نتحدث عن التوافق معناه، ان الجميع عنده استعداد للحوار والنقاش والتشاور وصولا الى أمر يتفق عليه الجميع وهذا ما نبحث عنه”.

وبعد لقاء السفراء مع البطريرك الراعي في بكركي وصف السفير المصري اللقاء بانه “بالغ الأهمية وكان الهدف إعلامه واستشارته في الخطوات التي سنبدأ في اتخاذها ، الخطوات مبنية على مراحل عدة والخطوة الأولى هي في الحديث مع الكتل كافة من أجل انتخاب رئيس وفق خارطة طريق سنقدّمها”. واكد ان “حراكنا سيستفيد من حراك كتلة الاعتدال ونحن نبني على تحرّك الداخل لعلّنا نسهّل خلق الأرضية المشتركة لإنجاز الاستحقاق”. واوضح “نحن لا نتحدّث عن أسماء بل عن التزام إذا توفّر فإنّ الحديث سيبقى أسهل بين القوى السياسية حول من يرغبون في ترشيحه الى الرئاسة”.

واشارت مصادر بكركي الى ان “البطريرك الراعي أعرب للسفراء عن استغرابه لسلوك طريق شائك قد لا ينجح فيما الدستور واضح والمسار الديموقراطي يقضي بفتح المجلس”. واضافت: “البطريرك تمنّى التوفيق للسفراء الخمسة رافضاً تكريس أعراف سابقة للاستحقاقات الدستورية والمتمثّلة بالحوار التقليدي”.
ومن المقرر ان يزور السفراء الخمسة اليوم كلا من الرئيس السابق ميشال عون ورئيس حزب” القوات اللبنانية ” سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط .