Advertisement
لا يبدو الصرح البطريركي قريباً أو منسجماً مع ايّ من هذه الطروحات الحوارية في الشكل الذي تُقدم به او الشروط المرافقة لها. وبحسب زوار الصرح، ثمة اقتناع بأن سيده يذهب في تفكيره إلى ما هو أبعد من كل النقاش الجاري اليوم، منطلقاً من قناعته بأن الهواجس التي يعبّر عنها الشارع المسيحي، وإنْ بلغات مختلفة، باتت هواجس الشارع السنّي والدرزي ايضاً، ما يجعل الحاجة ملحّة إلى تفكير من خارج البُعد الطائفي إلى البُعد الوطني الذي يعيد إلى الشراكة الوطنية موقعها في الحياة السياسية.
يسعى البطريرك إلى تحصين صرحه وطائفته بورقة ثوابت مستندة إلى الدستور والى القرارات الدولية، وإنْ كان، في مكان ما، يدرك انه قد يتم الانقلاب عليها بالأداء السياسي، وهذا ما يجعل ضمانات نجاحها ضعيفة جداً. لكنه في المقابل، يدرك ان وثيقة كهذه، ذات بُعد وطني يقوم جوهرها على استعادة التوازن الطائفي والشراكة بين المكونات الوطنية واحترام الدستور، وتحظى بمباركة الطوائف الأخرى، ستحرج الفريق الذي لا يزال يمارس التعطيل عبر طروحات تعجيزية لا تنتج رئيساً. من هنا، يمكن فهم الرسالة الواضحة وإن غير المباشرة التي وجهها البطريرك في مواقفه الأخيرة الى رئيس المجلس ومن ورائه إلى “حزب الله”، والتي اسقط فيها الدعوة إلى مبادرات حوارية، إذا ما صدرت وثيقة عن كل القوى المسيحية. حتى المرشح سليمان فرنجية الذي يغيب ممثلوه عن اجتماعات بكركي لن يكون قادراً على التغريد خارج سرب الصرح.
في ايّ حال، المشاورات مستمرة، معززة بغطاء غربي وعربي، ولا يُستبعد ان تشهد الأسابيع القليلة المقبلة بلورة للوثيقة تمهيداً للإعلان عنها.