رسائل التيار لـ حزب الله والقوى المسيحية…اجر في الفلاحة وأخرى في البور

20 مارس 2024
رسائل التيار لـ حزب الله والقوى المسيحية…اجر في الفلاحة وأخرى في البور

من استمع لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل يتكّلم في مناسبتين حزبيتين لا تفصل بينهما سوى ساعات ظنّ أنه أمام مشهدية جديدة في العمل السياسي فيما حقيقة الأمر أنه أراد من خلال هاتين الاطلالتين أن يوجّه أكثر من رسالة: الأولى، وهي الأهم، لـ “حزب الله”، والثانية إلى المجتمع المسيحي بأحزابه الثلاثة الرئيسية، أي “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” وتيار “المردة”.

في رسالته الأولى أراد باسيل أن يقول لحليف الأمس إنه رأس حربة في رفضه منطق “وحدة الساحات” وربط مصير لبنان بمصير الآخرين، وبالتالي رفضه المس بقدسية الشراكة الوطنية، مع حرصه الدائم على إقامة أفضل العلاقات مع “حزب الله” تحت هذين العنوانين غير القابلين للمساومة عليهما برأيه.
وبهذا الموقف يعتقد رئيس “التيار الوطني” أنه قادر على”تعويم” نفسه مسيحيًا، ولكي يثبت للشارع المسيحي أنه قادر على أن يقول لـ “حزب الله”، وإن كان حليفه، ما يقوله له معظم المسيحيين، وانه قادر بالتالي على أن يذهب إلى أبعد من ذلك في الوقت والزمان المناسبين.
إلاّ أن هذا الكلام لا يمكن أن يكون “مقبوضًا” مسيحيًا ما لم يتدرج إلى مرحلة رفع شعار رفض سلاح “حزب الله”، مع التأكيد أن المرحلة الدقيقة والمصيرية، التي يمرّ بها الوطن، تتطلب جرأة في المواقف، وعدم إخضاع أي موقف بما يمكن أن يُستشفّ منه “مسايرة” في مكان ما، وذلك لإبقاء خطوط التواصل بين “ميرنا الشالوحي” و”حارة حريك” قائمة لعل وعسى.
ومن هذه النقطة بالذات يمكن التطرق إلى رسالة باسيل إلى القوى المسيحية، وإلى بكركي. ففي هذه الرسالة ما يمكن اعتباره خطوة متقدمة، كما تراها مصادر معتدلة في هذه القوى، إلاّ أنها تبقى ناقصة ما لم تصحبها ترجمة واقعية وملتزمة بمبادئ السيادة كما تراها هذه القوى، التي يجب أن يوضع تحتها “خطّ أحمر” بالتلازم مع مبدئية “الخطوط الحمر”، التي يجب أن توضع تحت كلمة “شراكة وطنية” حقيقية.  في المبدأ لا يمكن للقوى المسيحية المعارضة أن تتعاطى مع مبادرة باسيل الحوارية في الداخل المسيحي بشيء من اللامبالاة، وهذا ما أكدته “القوات اللبنانية”، التي أعلنت أنها مع أي حوار مجدٍ، مع رفضها “حوار الصورة”. فأي حوار لا يكون منتجًا وهادفًا قد تكون انعكاساته على المستويين المسيحي والوطني كارثية، وأن أي فشل في تحقيق أي نتيجة من الحوار المسيحي – المسيحي سيكون حجّة لدى بعض الذين لا يؤمنون أساسًا بالحوار سبيلًا لحلّ المشاكل العالقة لكي يبرروا عدم جدوى الحوار الوطني. فإذا كان المسيحيون غير قادرين على الاتفاق في ما بينهم فكيف يُطلب أن يتوافق جميع اللبنانيين على حلّ مشاكلهم واختلافاتهم وخلافاتهم الكثيرة على طاولة حوار واحدة.
فالحوار جُرّب أكثر من مرّة، سواء على المستوى المسيحي – المسيحي أو على المستوى الوطني فلم تكن نتيجته سوى خيبات أمل أو مقولة “انقعوه وشربوا ميتو”.
فـ “القوات اللبنانية” لم تتأخر في الردّ على دعوة باسيل إلى الحوار المسيحي، التي اعتبرت “أن الرأي العام اللبناني، بعد الانهيار المالي والسياسي والشغور والحرب وانسداد الأفق، ليس في وارد التساهل مع خطوات تفاقم غضبه كونه لا يريد رؤية حوارات عقيمة ومصافحات لا تؤدي إلى نتيجة، ولا بل تعود الأمور معها إلى أسوأ مما كانت عليه.” وأكدت من جهة ثانية أن خطوط التواصل بين “القوات” و”التيار الوطني الحر” قائمة وقد ساهمت في الوصول إلى التقاطع على مرشح رئاسي، ولكن “ما لم يعلن النائب باسيل وجوب ان يسلِّم “حزب الله” سلاحه للدولة لا نرى اي موجب للتلاقي في سياق مشهدية واحدة، لأن أي مشهدية يجب ان تعبِّر بصدق عن رغبة اللبنانيين بقيام الدولة الفعلية التي يحول دونها سلاح “حزب الله” ودوره.”
من هذه النقطة تكون البداية. فما يجري في الجنوب، كما تراه القوى المسيحية، هو أبعد من حرب مساندة لشعب غزة، وهو أمر قد يتخطّى حدود لبنان وقدرته على المواجهة.