الى جانب “حزب الله” لعبت سوريا دوراً كبيراً في الوصول الى هذا المستوى من التواصل بين الحزب والامارات، لكن الاهم في كل هذا المشهد وبعيداً عن الملفات التي ستفتح وستناقش بين الطرفين، هو الحضور الاماراتي في الساحة اللبنانية، فبعد ان كانت ابو ظبي مهتمة بالشأن السوري وتلعب ادوارا كبرى في الانفتاح العربي على دمشق، قررت على ما يبدو ان تكون لها اطلالة على الواقع اللبناني وعدم تركه بشكل كامل ونهائي.
في عزّ الازمة الاقتصادية قامت الامارات العربية المتحدة بدور على الساحة السنية من خلال تقديم المساعدات الغذائية كما نشط السفير الاماراتي في بيروت بالتواصل مع اعلاميين وسياسيين، لكن هذا الحراك الاماراتي لم يستمر بل اصطدم بالواقع اللبناني …
وفي رأي بعض المراقبين، فانه اذا كان الدور السعودي في بيروت لا يمكن المسّ به او منافسته، فإن الدور القطري يمكن ان يكون خاضعاً للظروف الاقليمية، وعليه فإن الحضور الاماراتي من مدخل “حزب الله” وتعزيز الايجابية معه سيفتح الباب له على الساحة الداخلية وسيؤدي الى الحدّ من الدور القطري الذي ربط نفسه بشكل كامل بالأميركيين اذ ان الدوحة ترفض بشكل قاطع التمايز عن واشنطن او القيام بدور مستقل بالكامل .
لا يستطيع “حزب الله” تقديم الكثير للاماراتيين لكنه في الوقت نفسه قد يسعى الى فتح ابواب حوار فاعلة بينهم وبين اليمن وهو امر تريده ابو ظبي بشدة، كما يمكن للحزب افساح المجال امام وساطة اماراتية مرتبطة بالواقع الجنوبي ضمن خطوط الحزب العريضة وهذا ينطبق ايضا على الواقع اللبناني، لكن هذه الاندفاعة الاماراتية وفي حال تم استثمارها قد تشكل نوعا من الاستفزاز الناعم لدول الخماسية وتحديداً لقطر وفرنسا لان طرفا جديدا سيظهر على الساحة الاقليمية ستكون لديه القدرة على التواصل السلس مع “حزب الله”.
لن تظهر ارتدادات التواصل الاماراتي بوصفها اولى دول التطبيع مع “حزب الله” بوصفه التنظيم الاكثر فاعلية في محور المقاومة في الايام الماضية، بل ان مسار التواصل واستمراره هو الذي سيحدد نتائج الخطوة الحالية التي قد تكون عملية اطلاق سراح المعتقلين فيها اصغر الخطوات وأقلها، وعليه فإن التطورات الاقليمية والتحولات المرتقبة ستشمل اعادة فتح باب التواصل بين قوى ودول كانت على خصام وعداء في السنوات الماضية.