بدا واضحاً في قراءة أولى لنتائج تلك اللقاءات التي شملت غالبية القوى ولا سيما المسيحية حتى الآن، أن ثمة فجوة كبيرة في مقاربة الأزمة السياسية في البلاد، وما يتشعب منها على مستوى رئاسة الجمهورية. فالاستعدادات للتعاون وتسهيل إنجاز الاستحقاق، ووضع آليته كما سمعها السفراء من رئيس المجلس نبيه بري، إما عبر مبادرته الحوارية أو عبر مبادرة كتلة الاعتدال الوطني التي انبثقت فكرتها في الاجتماع في عين التينة، تركت انطباعاً لدى سفراء الخماسية بإمكان تذليل عقبة التعطيل الذي يمارسه الثنائي المتمسّك بمرشحه، لمصلحة السير بخيار ثالث حرص السفراء على عدم الدخول في طرح الأسماء له والاكتفاء بوضع المواصفات.
لم يختلف مضمون المحادثات في بكركي عما كانت عليه في معراب. ولمس السفراء في الحديث مع البطريرك تشدداً واضحاً يختلف عن اللهجة الديبلوماسية المرنة التي اعتادها.
في الرابية، فوجئ سفراء الخماسية في لقائهم الرئيس السابق ميشال عون بتخصيصه معظم وقت اللقاء لانتقاد الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة وتوجيه الانتقادات للسفير الفرنسي حول التعامل الفرنسي مع ملفه، وذلك بعدما دعا إلى ضرورة التوصّل إلى اختيار رئيس قادر على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والمالية، ومكافحة الفاسدين وملاحقتهم ومحاكمتهم. أكد عون أن من السهل التوصّل إلى اتفاق على اسم واحد، مقترحاً اختصار اللائحة ببضعة أسماء.
في مروحة لقاءات السفراء المقبلة، بضعة تحديات ستفرض عليهم توزيع المهمات. ذلك أن السفيرة الأميركية لن تكون قادرة على زيارة رئيس التيار الوطني الحر الخاضع للعقوبات الأميركية، كما ممثلي” حزب الله”.
هل يحمل تأجيل التحرك إلى ما بعد الفطر في طيّاته أي نيّات مريبة أو مخاوف من فشل السفراء؟ لا. يجيب مصدر ديبلوماسي معني، كاشفاً أن السفراء يعون تماماً أن مهمتهم ليست سهلة، وهم يتدخلون في هذا الشأن اللبناني بهدف المساعدة والتوريط لتقريب وجهات النظر. لا مكان حالياً، لليأس أو التردد، في ظل التزام الدول التي يمثلونها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة بضرورة المساعدة على إعادة الاستقرار والانتظام إلى البلاد ومؤسساتها الدستورية. من هنا، يعرب المصدر عن اعتقاده بأن التأجيل سيوفر مساحة من الوقت لمزيد من التشاور والتفكير، وبلورة المشهد الاقليمي ربما، كاشفاً عن آمال السفراء ولا سيما الأميركية بأن يحمل شهر أيار حلاً!