باسيل يعوّل على حكمته وجعجع يهاجمه.. هل انتهى التقاطع ضدّ بري؟!

23 مارس 2024
باسيل يعوّل على حكمته وجعجع يهاجمه.. هل انتهى التقاطع ضدّ بري؟!

على مدى الأشهر القليلة الماضية، لم يبدُ “التقاطع” بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” محصورًا بالرغبة في “إسقاط” ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، والذي تفرّع عنه تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مواجهته، ولكنّه شمل أيضًا “معارضة” رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لم تسقط مبادراته الحواريّة المتتالية إلا بـ”فيتو” ثنائي “التيار” و”القوات” تحديدًا.

 
مع ذلك، يُرصَد في الأيام الأخيرة اختلافٌ في النبرة والخطاب بين “التيار” و”القوات” إزاء العلاقة مع رئيس مجلس النواب، تجلّت في كلام الوزير السابق جبران باسيل قبل أيام، حين بدا أنه يعوّل على ما وصفها بـ”حكمة” بري للحفاظ على الشراكة، في خطابٍ غير مألوف من جانبه، ولكن “مناقض” لخطاب جعجع، الذي ذهب حدّ وصف بري بأنّه “الأشطر في تضييع الشنكاش”، وبأنه “Babysitter محور الممانعة”، على حدّ وصفه.
 
وبين موقف باسيل “المَرِن”، أقلّه في الظاهر، وموقف جعجع “المتصلّب” في المقابل، وهو الذي اتهم بري بأنّه “فخوَت” مبادرة كتلة “الاعتدال” التي كانت بنودها واضحة، تُطرَح علامات استفهام عن حقيقة موقف كلّ من جعجع وباسيل على المستوى العملي، وبالتالي عمّا إذا كان “التقاطع ضدّ بري”، من جانب ثنائي “التيار” و”القوات” قد انتهى عمليًا، وما إذا كان يمكن لذلك أن يشكّل “مَدخَلاً” لتفاهم ممكن، قد يتيح “تحرير” استحقاق الرئاسة.
 
“مرونة” باسيل
 
برأي العارفين، فإنّ “مرونة” باسيل في خطابه الأخير أعطيت أكثر من حجمها، فكلامه عن “حكمة” بري جاء في سياق كلام عام وجّهه للجميع، وشمل مختلف الفرقاء، بمن فيهم الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” تيمور جنبلاط، ووالده النائب السابق وليد جنبلاط، وأراد من خلاله على الدور الذي يفترض أن يلعبه هؤلاء في التأكيد على مبدأ “الشراكة”، ومن خلفها “المناصفة”.
 
مع ذلك، لا يستبعد العارفون أن يكون باسيل أراد توجيه رسالة غير سلبية بالحدّ الأدنى، إن لم تكن إيجابية إزاء بري، ليس فقط لأنه لم يعتد على مثل هذا “الودّ” إزاء رئيس مجلس النواب، ولكن أيضًا لأنه يأتي بعد مرحلة من “الهدنة” بين الجانبين إن جاز التعبير، تخلّلها حوار جرى في الكواليس بينهما، تركّز بشكل رئيسي على ملف استحقاق رئاسة الجمهورية المجمَّد، وإن لم يُفضِ حتى تاريخه إلى تفاهم واضح وصريح.
 
لا يعني ما تقدّم أنّ العلاقة بين بري وباسيل تجاوزت الخلافات السابقة، وفق ما يقول العارفون، الذين يلفتون إلى أنّ باسيل الذي يدعو في كلّ المناسبات إلى الحوار، ويرفض “حوار بري”، يضع علاقته مع بري كعلاقته مع “حزب الله” رهينة قرار ينتظره من الأخير بالتخلّي عن ترشيح فرنجية، علمًا أنّ أوساط “التيار” تعمّدت في الآونة الأخيرة تسريب معطيات عن أنّ بري أبدى انفتاحًا على “الخيار الثالث”، بل بدأ البحث بالأسماء المحتملة.
 
“تصلّب” جعجع
 
في مقابل التحليلات المتباينة لتموضع باسيل المستجدّ، يتوقف المتابعون عند المواقف العالية السقف التي أطلقها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، والتي انطوت على “هجوم عنيف” على رئيس مجلس النواب، وهو الذي يضعونه في إطار لعبة “تقاذف كرة المسؤولية” التي يتمسّك الفريقان بانتهاجها، على خطّ الملف الرئاسي تحديدًا، في محاولة من كلّ طرف للقول إنّ الطرف الآخر هو الذي “يعطّل” الاستحقاق الرئاسي.
 
بهذا المعنى، يربط المتابعون بين المواقف التي صدرت أخيرًا عن جعجع، وبين مسار مبادرة كتلة “الاعتدال”، التي كان رئيس حزب “القوات” للمفارقة أول من وافق عليها وأعلن حماسته لها، رغم أنّها اعتُبِرت من “بنات أفكار بري”، وتقوم أساسًا على طرحه الحواري غير الجديد، وبالتالي فإنّ الرجل أراد القول إنّ بري هو الذي “ضيّع الشنكاش” في هذه المبادرة، وبالتالي نسفها من أساسها، وليست “القوات” هي من تراجعت.
 
انطلاقًا من ذلك، يقول العارفون إنّ “تصلّب” جعجع إزاء بري مرتبط بالموقف من الاستحقاق الرئاسي، حيث يعتبر رئيس حزب “القوات” أنّ بري يخوض “معركة” فريق “حزب الله” الرئاسية، من موقعه كرئيس لمجلس النواب، ويصرّ على “حوار” لا يتوخّى منه سوى “فرض” ترشيح فرنجية، علمًا أنّ العلاقة بين جعجع وبري لم تكن بهذا “السوء”، بل إنّ هناك من يراهن على “انفراجة” على خطّها، كانت ملامحها ظهرت في جلسة التمديد لقائد الجيش.
 
في النتيجة، لا يمكن القول إنّ “التقاطع ضدّ بري” انتهى عمليًا من جانب باسيل وجعجع، إذ إنّ ما اختلف عمليًا هو “التكتيك” بشكل أو بآخر. لكنّ العارفين يضعون هذا “التقاطع” في إطار “التقاطع الأكبر”، المرتبط بالرغبة بإسقاط ترشيح فرنجية أولاً وأخيرًا، في وقتٍ قد يكون الأوْلى بالجميع الذهاب إلى “تقاطع وطني” على تغليب المصلحة العامة، وبالتالي رفع “الفيتو” عن الحوار أو التشاور، الذي لا بدّ منه لإنجاز الاستحقاق الرئاسي!