كتب سعيد غريّب في” نداء الوطن”:
إنّ كفاح الشباب اللبناني اليوم يذهب سدى وهدراً لأنّهم مشتّتون وضائعون و”مبلوعون” في أفواه الحيتان، حيتان المال والطائفية والاعلام. وهم، لن يستطيعوا، بجهود خجولة، تصويب البوصلة والبدء بعملية اصلاح مضنية. مما لا شكّ فيه أنّ الظاهرة التي تلازم الشباب اللبناني هي الحيرة.
هل يعرف شباب لبنان ممّن، هم دون الأربعين من العمر، أنّ الاستحقاق الرئاسيّ لم يعد استحقاقاً بالمعنى العمليّ، منذ شهر أيلول 1988؟ يومها انكسر الاستحقاق، واضحى التعطيل “موضة” جديدة وثقافة جديدة. يومها، خيّر اللبنانيون بين مخائيل الضاهر والفوضى، فاختار الزعماء الفوضى، وخسروا الجمهورية الأولى، ولم يربحوا الجمهورية الثانية. هل يعرف شباب 14 آذار، أنّ الباقة التي صنعوها بايمانهم قبل تسعة عشر عاماً في ساحة الشهداء تبدّدت بعدما غرف الساسة التجار وحدهم من أريجها، وتنشّقوا وحدهم رائحتها، واستفادوا وحدهم من خيراتها طوال عقدين من الزمن، فيما خسر لبنان أفضل وجوهه؟ أمّا اليوم، فماذا ينتظر شباب لبنان من بلد بلا رأس، من مسرح مفتوح لانتخاب رئيس، من عرس حضره المدعوّون وغاب عنه العريسان؟ وهل يدري شباب لبنان المسيحي والمسلم أنّهم مدعوّون لأخذ القرار بيدهم وحدهم، وأن يلتقوا على الايمان على فلسفة لبنانية يجتمعون حولها؟.