وثيقة بكركي: طالب الشيء قبل أوانه

24 مارس 2024
وثيقة بكركي: طالب الشيء قبل أوانه

كتب جورج شاهين في “الجمهورية”:

 

كان لا بدّ للعارفين بكثير من تفاصيل ورش العمل الجارية في بكركي، وتحت رعايتها والى جانبها، ان تشير الى عمل اللجنة الاخيرة التي شُكّلت على مستوى ممثلين لقادة الأحزاب والكتل النيابية المسيحية للبحث في ورقة عمل “شاملة” اعدّها راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان ابي نجم الذي كان مكلّفاً استقصاء رأي الاحزاب المسيحية حول القضايا الوطنية العامة وطريقة مواجهتها في ظلّ الظروف الراهنة قبل ان تتطور الامور وتتعدّد المبادرات التي قادها الموفدون الدوليون والهيئات الديبلوماسية وفي مقدّمها أعضاء المجموعة الخماسية العربية والدولية التي شُكّلت لمساعدة اللبنانيين على إتمام الاستحقاق الدستوري بانتخاب رئيس الجمهورية، وما يمكن ان يرافقه من إجراءات لا بدّ منها لإعادة تكوين السلطة واستكمال بناء المؤسسات والسلطات الدستورية التي تفتقد السلطة الإجرائية في غياب رئيس للجمهورية.

 

والى هذه الاسباب الموجبة التي تضع اللجنة في مكان لا يتناسب وحجم ما نُسب اليها من مواقف وادوار وصلت الى مرحلة اعتبارها أنّها مكلفة وضع “ورقة تاريخية” تحدّد الثوابت المسيحية مما يجري على الساحتين الوطنية والمسيحية. ذلك انّ مثل هذه الثوابت موجودة ومحترمة الى حدّ بعيد وخصوصاً لدى الجانب الكنسي الذي شدّدت عليه بكركي في أكثر من مناسبة واستحقاق، ولا تحتاج الى لجنة تفسّرها او تسعى الى تعميمها او تسويقها في الشكل المعتمد في الأسواق السياسية الرائجة وسط الضجيج الاعلامي.

 

ينتهي العارفون الى الدعوة الصادقة بالحاجة الى انتظار ما يمكن ان تسفر عنه أعمال اللجنة، وهي في بداية الطريق، وربما تحتاج الى مسلسل من الاجتماعات لمقاربة العناوين المطروحة، كما انّها لم تتعهد بطرح “وثيقة نهائية” قبل طرحها على لقاء وطني شامل تشارك فيه قوى لبنانية اخرى مختلفة. ذلك انّ من يعتقد انّ المشكلات التي يعانيها لبنان ستنتهي عند رؤية اللجنة، يرتكب خطيئة كبيرة وجسيمة. فلا يعتقدن أحد انّ من جمعتهم اللجنة سيعترفون بأنّ مقاربة الاستحقاق الرئاسي تعني أنّه “أزمة مسيحية ـ مسيحية. لا بل هي ازمة وطنية كبرى تمكّن البعض من ربطها بقضايا إقليمية ودولية بقوة قاهرة، وخصوصاً في ما يجري في غزة والمنطقة. ويخشى انّ من يعتقد عكس ذلك قد يكون “ممن يطالبون بالشيء قبل اوانه، فيُعاقب شخصياً بحرمانه او يكون سبباً ليُعاقب الآخرين بحرمانهم”.

وكتبت صونيا رزق في “الديار”: افيد بأنّ مسألة الاستراتيجية الدفاعية، كانت السبب الاول لغياب ممثل “المردة” عن اللقاء، وفق ما أفادت مصادر مقرّبة من كتلتهم، وذلك منعاً للإحراج، كما انّ طرح بند حصرية السلاح في أيدي الجيش، وبحث دور لبنان وصيغته والخطر على وجوده، وإعادة العلاقات اللبنانية مع الدول العربية، وعدم تحويله دولة دينية والتصدّي لكلّ محاولات تغيير وجهه، وأهمية صون الحضور الديموغرافي والجغرافي المسيحي، كل هذا ادى الى عدم تشجيع تيار”المردة” على حضور اللقاء، لانّ فرنجية كان وسيبقى مرشح الثنائي الشيعي الذي يتمسّك به ولن يدعم سواه.

 

في غضون ذلك ووفق المعلومات المسرّبة، فاللقاءات المرتقبة ستبحث ملف حياد لبنان، وعدم ربطه بأي ساحة مشتعلة، مع السعي لتطبيق القرارين 1701 و1559، الامر الذي أوجد اعتراضاً لدى “التيار الوطني الحر” خصوصاً بالنسبة للقرار الاخير، لانه يثير حساسية الثنائي الشيعي، فيما لقي قبولاً لدى الاطراف الاخرى، لكن كل شيء ما زال قيد البحث ضمن مسودة الوثيقة، وصولاً لوضعها ضمن خانة تطرح على كل الشركاء في الوطن مسيحيين ومسلمين، للخروج بثوابت وطنية جامعة، لان المخاطر ليست متواجدة فقط عند الطرف المسيحي، بل في الكيان اللبناني ومحاولة أخذه الى مكان آخر.

 

كذلك، ستبحث الوثيقة بعد عيد الفصح الملف الرئاسي بكل محاوره وعناوينه، بدءاً بمحاولة وضع حد للفراغ الرئاسي بأسرع وقت ممكن، وبأن يتم الانتخاب وفق الدستور وليس عن طريق التعليب وفرض موازين قوى، كما سيكون لملف النزوح السوري فسحة شاسعة للوصول الى حل، الى جانب قضايا مشتركة هامة من ضمنها مبدأ الشراكة الوطنية وإعادة تفعيلها وتطبيقها على ارض الواقع، ومحاولة إيجاد حلول للازمات المعيشية والاقتصادية، إضافة الى عدم زج لبنان في الحرب في ظروف خطرة غير قادر على تحمّل تداعياتها