Advertisement
يحرص البعض على التكرار أن المدخل الأساسي لمعالجة مسلسل الأزمات الإقتصادية والإجتماعية التي يتخبط فيها لبنان منذ فترة، يكون في إنتخاب رئيس الجمهورية. ويتجاهل هذا البعض أن الأزمة السياسية بدأت بإنتفاضة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، ضد العهد السابق الذي يوصف بأكثر العهود الإستقلالية فساداً وفشلاً. وأن الإنهيار المالي حصل بوجود «رئيس الجمهورية القوي» في بعبدا، وأن سلسلة الإنهيارات تلاحقت قبل إنتهاء ولاية الرئيس، مما يعني أن وجود الرئيس في بعبدا في العقلية التي كانت سائدة، لا يحمي البلد من الوقوع في دوامة الأزمات المتراكمة، ولا يضمن العمل على إخراج البلاد والعباد من جهنم الإنهيارات الراهنة.
يعتبر الديبلوماسي العربي المخضرم أن التوافق على الخطة الإنقاذية، وبرنامج الإصلاحات المطلوبة، يجب أن يتم بصفقة واحدة تضم أسمي رئيسي الجمهورية والحكومة، والوزراء، وتحديد المعايير العلمية والمواصفات الشخصية لكل وزير، وإستنفار مجلس النواب ليكون حاضراً في إقرار القوانين الإصلاحية المنشودة.
أما إنتخاب رئيس للجمهورية، محسوب على فريق سياسي معين، ويعارضه بقية الأطراف السياسيين، ويعرقلون مشاريع الإصلاح والإنقاذ، فسيزيد أوضاع البلد سوءًا، بمراحل كبيرة، ويؤدي الى تباعد بين المواقف، والمبالغة في سياسات التعطيل،مع إحتمال إجهاض إنطلاقة العهد قبل أن يُقلّع في سنواته الأولى، وهذا ما حدث مع العماد عون منذ السنوات الأولى لتسلمه السلطة.
يُشير الديبلوماسي المخضرم إلى أن الشغور الرئاسي منذ أكثر من سنة، لم يمنع حكومة تصريف الأعمال من القيام بمسؤولياتها ضمن الحدود الدستورية، وإستقبال الموفدين الأجانب، من رؤساء حكومات ووزراء بالجملة، وإدارة الشؤون الداخلية، ومعالجة إضرابات القطاع العام ضمن الإمكانيات المتاحة، إلى جانب نجاح مصرف لبنان في عهدة الحاكم بالإنابة في زيادة حجم إحتياطه في العملة الأجنبية، لأول مرة من إندلاع الأزمة المالية عام ٢٠٢٠.
أخشى ما يخشاه الديبلوماسي العربي أن يبالغ بعض اللبنانيين في خلافاتهم حول الإستحقاق الرئاسي، مقابل مبالغة الفريق الآخر في الإعتياد على عدم وجود رئيس للجمهورية!
وتلك صورة محزنة من مشاهد التضخيم والمبالغة في البلد المأزوم.