تأتي الزيارة أساساً تلبية لدعوة من ميقاتي الذي كان له لقاء مع ميلوني على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة في شأن تغير المناخ الذي انعقد قبل أشهر في دبي، وتحديداً في كانون الأول الماضي، حيث أكدت عزمها على تلبية الدعوة. وتم تحديد الموعد بعد أيام قليلة، إلا أن الزيارة لم تتم في ظل التصعيد الأمني الذي شهده الجنوب في ذلك الوقت.
علماً بأن ميقاتي كان قد زار إيطاليا في آذار من العام الماضي حيث أجرى محادثات رسمية مع نظيرته ووجّه إليها الدعوة لزيارة بيروت واستكمال المحادثات حول العلاقات الثنائية، وسبل التعاون الممكنة خصوصاً أن لدى إيطاليا مساهمة في دعم الجيش، فضلاً عن مساهمات أخرى في المجال الصحي، والنفطي، حيث تشارك شركة “إني” الإيطالية ضمن كونسورتيوم إلى جانب شركتي توتال الفرنسية وقطر للبترول، في أعمال التنقيب عن النفط والغاز في لبنان. ولم يتوقف التواصل بين ميقاتي ونظيرته الإيطالية ولا سيما في ضوء التزام بلادها أمن لبنان واستقراره وتأكيدها رغبة بلادها في مواصلة المساهمة في تحقيق ذلك في هذه الظروف الدقيقة، خصوصاً أنه كان لدى إيطاليا خشية من عواقب لا تُحصى على المنطقة بأكملها إذا ما استمرت الحرب.
في محادثاتها مع ميقاتي، كان تأكيد مشترك على أهمية التزام لبنان القرارات الدولية ولا سيما ١٧٠١، فضلاً عن ارتياح مشترك لصدور القرار ٢٧٢٨ القاضي بوقف النار في غزة في رمضان والتطلع إلى أن يصبح دائماً. كما كان تشديدها على وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية. واستأثر ملف النازحين السوريين والهجرة غير الشرعية بحيز كبير من اللقاء، حيث لا تنفي الدول الأوروبية المجاورة قلقها من تنامي هذه الهجرة في اتجاهها. وعُلم أن ميلوني جددت تأكيد استعداد بلادها للمساعدة في هذا المجال، كاشفة عن عزمها على طرح هذا الموضوع في الاجتماع المقرر للنزوح في بروكسيل في ٢٧ أيار المقبل، حيث أبلغت ميقاتي أنها ستطلب إيلاء لبنان الاولوية في الدعم والمساعدة على مواجهة أعباء النزوح.
لم تحمل ميلوني أي رسائل جديدة يمكن الوقوف عندها، ومواقفها لا تختلف عما أعلن في البيان الرسمي، فهي جددت التحذير من مغبة توسع الحرب وأهمية التزام لبنان تطبيق الـ١٧٠١، وحرص بلادها على دعم الجيش، علماً بأن روما كانت قد ترجمت هذا الدعم عبر استضافتها المؤتمر المصغر في مطلع آذار الجاري الرامي الى دعم المؤسسة العسكرية، وقد شارك فيه قائد الجيش العماد جوزف عون إلى جانب قادة جيوش أوروبيين، وذلك في إطار التزام تطبيق القرار الدولي. واكتسب المؤتمر بعداً مختلفاً إذ جاء غداة إلغاء مؤتمر دولي كان مقرراً عقده في باريس لهذه الغاية، ما ترك انطباعاً بأنه يمكن لإيطاليا أن تضطلع بدور أوروبي حيال لبنان عجزت عنه فرنسا نتيجة التباينات بين باريس وواشنطن حيال إدارة الملف اللبناني. لكن مصادر سياسية نفت وجود مثل هذا التوجه مقللة من حجم الزيارة، داعية إلى عدم تضخيمها وإعطائها أبعاداً لا تحتملها، من دون أن يعني ذلك أنه ليس لإيطاليا مصالح مشتركة مع لبنان، ولكنها ليست جديدة، ولا تحتاج إلى استبعاد أو إقصاء أية أدوار أخرى.