تخلل الزياح حمل نعش المسيح في الشوارع المحيطة بالكنيسة، حيث طاف المؤمنون خلف النعش يتقدمهم سويف والكهنة، وسط قرع للاجراس وارتفاع أصوات التراتيل الخاصة بمناسبة يوم الجمعة العظيمة.
بعد قراءة الأناجيل، ألقى سويف عظة قال فيها: “آمنا بك مسيحاً مصلوباً ومخلصاً. في يوم الجمعة العظيمة هذا، تعالوا نسجد للمصلوب وتصلى مع يسوع مرددين إلهي إلهي لماذا تركتني وفي قلوبنا إيمان أن ملكوت الله الذي تحقق بالموت على الصليب جعلنا خليفة جديدة مدعوة لحمل قضية الصليب والشهادة له”.
أضاف: “يوم الجمعة، يختبر يسوع الألم مع البشرية ولأجلها وهو كلمة الله الذي تجسد لأجلنا ليتضامن مع الامنا وحزتنا وموتنا. فلحظة الموت هي افظع اختبار يعيشه الإنسان، وفقدان الحياة هو السبب الرئيسي للشعور بالألم الكياني إلى جانب الآلام النفسية والجسدية والروحية التي ترافق الإنسان على دروب الحياة وابن الإنسان الذي واجه ساعة الموت صرخ إلى الأب قائلا “يا أبتاه أبعد عني هذه الكاس” (لوقا ٢٢ (٤٢) وتابع صلاته من مزمور الهى إلهي لماذا تركتني” (مزمور ۱۲۲ – متى ۲۷ (٤٦). يسوع يعبر عن وجع الإنسان وياسه وفشله وخيبة أمله فصلاة يسوع وهي أيضا صلاتنا تعكس الشعور الإنساني عند غياب الله امام مأساتنا. إنه لوم المؤمن الذي يثق بنعمة الرب ولو شعر بهذا الغياب إنه إيمان بحضور الرب إنه الإيمان بأن الرب الذي أسلم ذاته للموت قائلاً: لتكن مشيئتك، لا مشيئتي الوفا ٢٢ (٤٢)، هو الذي يحمل جراحنا ويشفيها يدمه الطاهر والامه المحببة التي أدخلتنا إلى الملكوت، وهو تأكيد يسوع المصلوب للص اليمين: اليوم تكون معى في الفردوس” (لوقا ٢٣ ٤٣)”.
وتابع: “يوم الجمعة، يتوج يسوع ملكوت الله الذي بدأ إعلانه بعد المعمودية توبوا لقد اقترب ملكوت الله (متى (۲) انطلق يسوع إلى برية هذا العالم ينشر ملكوت الرب الذي حققه بشخصه أي بأعماله وأقواله وأفكاره وبكل كيانه كاله وإنسان معاً. عندما نظر يسوع إلى الهيكل تنيا قائلاً: هذا الهيكل سيهدم ويُبنى في ثلاثة أيام (يوحنا ۲ (۱۹). إله الفصح الثلاثي الأيام الذي تعيده اليوم وكل يوم في حياتنا. هدم وبناء موت وحياة لأدم الأول بنعمة أدم الثاني يسوع المخلص. نعم فإن حبة الحنطة إن لم تقع وتمت في الأرض تبقى مفردة وإن ماتت أنت بثمار كثيرة (يوحنا ١٢:٢٤) فصلب المسيح يدخلنا في منطق الملكوت الجديد، ملكوت المحبة والمغفرة والسلام، ملكوت العدل والكرامة الإنسانية التي حررها الرب بصليبه إحتفالنا بالفصح المجيد وسجودنا للصليب ليس بدوافع رتب طقسية خارجية فقط بل هو فعل إيمان يدفعنا إلى قبول ملكوت الله بكل كياننا الروحي والإنساني، كما قبلته العذراء مريم في البشارة وأجابت نعم أنا خادمة الرب فليكن لي حسب قولك (لوقا ۱ (۳۸). وحقيقة الصليب في موقف علينا أن نوضحه لذواتنا بصدق وصراحة، كما علمنا الرب أن تقول: “نعم نعم ولا لا” (متى : (۳۸) وقبول الملكوت هو نعمة من الله وأيضاً خيار شخصي وواع يصبح نهج حياة نعيشه في الباطن وفي حضورنا اليومي في العالم. هو قبول يجعلنا علامة لحضور ملكوت الله في العالم المدعو أن يتحوّل ويتجدد بقوة الروح القدس”.
وأردف: “يوم الجمعة هو دعوة للعائلة البشرية كي تنتقل من واقع سقطة آدم بعد الخلق الأول وسببها الكبرياء، إلى خلق ثان يتجدد بصليب يسوع والامه التي بها شعبنا وتجددنا بهذا التدبير الخلاصي أصبحنا شعباً مقدساء جماعة مختصة تؤمن أن الصليب هو نعمة وشهادة وخيار تفرح يحمله وتفخر برسمه على أجسادنا. فالصليب هو قضية تسعى لتحقيقها ليس فقط ضمن الجماعة المسيحية بل على مستوى البشرية بأسرها، لحفظ الكرامة وصون الحرية الصليب هو مشروع حياة يقود كل من يؤمن به الى الظفر فالقيامة بالصليب يولد كل يوم في الكنيسة شهود وشهداء وقديسون وها بنا نرى يوميا شهداء من منطقتنا يقدمون ذواتهم قرباناً طاهراً لرفع الظلم ومحو الجهل ونشر المحبة. ولبناننا الحبيب يختبر في كل حين استشهاد أبنائه نفسياً ووجودياً من جراء عدم احترام كرامتهم وتأمين العيش اللائق والكريم من قبل بعض القيمين اللامبالين بوجع الناس والمهم، فاغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون (لوقا ۲۳ (٣٤) إلها الحقيقة المرة التي تكمن في غياب الحب وسيطرة الأنانية وعبادة الذات بدلاً من عبادة الله بالحق والروح تصلي في يوم الجمعة هذا الخلاص وطن هو بأمن الحاجة إلى تجديد الإيمان بالإله الحي الوحيد الذي يحررنا من قيود الظلم والموت ويمنحنا فرح الحياة الجديدة. فتعالوا أيها الأحياء لتكون شهودا”.
وختم: “لهذا الصليب فخر ايماننا وتسجد للمسيح المرفوع عليه لكي يرفعنا إلى الحب اللامتناهي الذي لا يوصف”.