سجال متجدّد بين جعجع وباسيل.. من قال إنّهما يقبلان أن يلتقيا؟!

30 مارس 2024
سجال متجدّد بين جعجع وباسيل.. من قال إنّهما يقبلان أن يلتقيا؟!

لم تنفع “انعطافة” رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل الأخيرة، وانتقاداته العلنيّة لـ”حزب الله”، في تقريب المسافات بينه وبين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، تمامًا كما لم ينجح سابقًا “التقاطع” الذي وجدا نفسيهما “شريكَين” في صلبه، على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور إلى الرئاسة، في سبيل تحقيق الهدف “الأسمى”، وهو إسقاط ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.

Advertisement










 
ففي سيناريو مكرّر، اشتعلت “جبهة معراب – ميرنا الشالوحي” مجدّدًا في اليومين الماضيين، على خلفيّة تسريبات إعلامية ” نسبت إلى مصدر وُصِف بـ”المطّلع” على العلاقة بين “القوات” و”التيار” قوله إنّ الحالة الوحيدة التي يقبل بها جعجع لقاء باسيل والوصول إلى تفاهم “معراب 2” هي تبنّي باسيل ترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية، بعدما قام “معراب 1” على تبنّي جعجع ترشيح الرئيس السابق ميشال عون.
 
سرعان ما استنفر “التيار” للردّ على المصدر غير المعلوم، بلغة المصادر نفسها، التي نقل عنها موقع “التيار” الرسمي، سؤالها: “من قال إن باسيل يريد أو يقبل بلقاء جعجع؟”، مشدّدة على أنّ “ما يهمّه هو النتيجة والتوصل إلى موقف المواجه لإسقاط الشراكة، أما الأشخاص فلا يهمّونه ولا يعنيه اللقاء بهم”، فما الذي يُفهَم من هذا السجال المتجدّد بين الجانبين؟ وهل ينبغي التصفيق لمسؤولَين يلمّحان إلى أنّهما “لا يقبلان” بمجرد الالتقاء؟!
 
“التيار”: السؤال يوجَّه لـ”القوات”!
 
يقول المحسوبون على “التيار الوطني الحر” إنّ مثل هذا السؤال ينبغي أن يوجَّه لقيادة “القوات اللبنانية”، وليس إلى باسيل الذي لا يفوّت مناسبة إلا ويدعو فيها إلى الحوار بوصفه المَدخَل لحلّ مختلف الأزمات، وهو الذي ناشد البطريرك الماروني قبل أيام الدعوة إلى حوار مسيحيّ، باعتبار أنّه “لا يوجد سبب لعدم الاجتماع”، وبالتالي فإنّ باسيل هو المنفتح على الحوار، بمعزل عن الأشخاص الذين لا يشكّلون الأساس بالنسبة إليه.
 
لكنّ المحسوبين على “التيار” يشدّدون على أنّ انفتاح باسيل على الحوار لا يجب أن يُفهَم بأيّ حال من الأحوال على أنّه دعوة إلى استنساخ “تفاهم معراب”، أو ربما “معراب 2” كما يحلو للبعض القول، لأنّ تكرار التجربة التي لم تكن ناجحة ليس على جدول الأعمال في الوقت الحالي، بمعنى أنّ الهدف من الحوار الذي يريده باسيل هو التلاقي على بعض الطروحات الوطنية، وليس التوصّل إلى أيّ صفقة “ثنائية” قد تضرّ أكثر ممّا تنفع.
 
أما ما ورد في كلام مصادر “التيار” عن أنّ باسيل ربما لا يريد أو لا يقبل بلقاء جعجع، فهو جاء وفق هذه الأوساط على طريقة “ردّ الصاع صاعين”، ولا سيما أنّ ثمّة ماكينة يصفها البعض في “التيار” بـ”الخبيثة”، تحاول الإيحاء للرأي العام بأنّ باسيل “مستقتل” للقاء جعجع، وأنّ الأخير هو الذي “يتغنّج”، وصولاً لحدّ وضع الشروط، وهو ما لا يعكس الحقيقة بأيّ شكل من الأشكال، ولا سيما أنّ باسيل ليس مستعدًا لتقديم أيّ “تنازل” للقاء أحد.
 
“القوات”: “لا ثقة”!
 
على ضفّة “القوات”، يُقرَأ الأمر في سياق مختلف، فالحوار مع “التيار الوطني الحر” أثبت أنه بلا جدوى، ولا فعاليّة مرتجاة منه، خصوصًا بعد تجربة “تفاهم معراب” التي كان يمكن أن تؤسّس لدولة “قوية”، لكنّ النتيجة أنّ “التيار” حصل منها على ما يريد، وانقلب عليها بكلّ بساطة، لأن الهدف الذي كان يتوخّاه من التفاهم كان “مصلحيًا” في المقام الأول والأخير، وقد تحقّق بوصول عون إلى قصر بعبدا.
 
تقول أوساط “القوات” إنّ تجربة تفاهم معراب كرّست واقعًا جديدًا في النظرة إلى “التيار”، عنوانها الصريح “لا ثقة”، علمًا أنّ “التيار” أثبت في المرحلة الأخيرة أنّ “المصلحة” هي التي تتحكّم بأدائه وسلوكه، فهو لم يتقاطع مع المعارضة إلا بهدف إسقاط ترشيح سليمان فرنجية، والمعارضة تدرك أنّ مواقفه من “حزب الله” ليست جدّية، وأنّه جاهز للعودة إلى “أحضانه” إن جاز التعبير، بمجرّد إعلانه التخلّي عن فرنجية.
 
وبالحديث عن “الشروط” التي تضعها “القوات” لقبول جعجع بلقاء باسيل، فهي بالمُطلَق “مجازية”، ليس لأنها “تعجيزية”، بل لأنّ قبول باسيل بها يعني أنّه “تغيّر”، وهو ما لم يحصل، ومنها أن يقبل بتسليم سلاح “حزب الله” مثلاً، حتى يستحقّ لقب “سيادي”، أو أن يقبل بترشيح جعجع للرئاسة، مع ما يعنيه ذلك من “عدم تغليبه مصلحته الشخصية”، علمًا أنّ رئيس حزب “القوات” لم يطرح ترشيحه للرئاسة، الأمر الذي يعزّز هذا الرأي.
 
قد يكون “نافرًا” أن يهاجم رئيسا أكبر كتلتين مسيحيتين بعضها بعضًا، لدرجة القول إنّهما لا يقبلان أو لا يريدان الالتقاء، في وقتٍ يشكو المسيحيون من أزماتٍ وجوديّة حقيقية، ليس أقلّها الفراغ الرئاسي الذي باتت الأحزاب المسيحية “تطبّع معه” قبل غيرها. لكنّه قد لا يكون كذلك، متى دخلت “المزايدات” على الخط، وهي “المزايدات” نفسها التي تمنع إنهاء الشغور الرئاسي، بل تضع “فيتو” على مبدأ الحوار والتفاهم بكلّ بساطة!