سعى “التيار” في المرحلة الماضية وفي إطار خلافه مع “حزب الله” للقيام بخطوات جدية باتجاه المعارضة، وهذا الأمر ترافق مع خطاب سياسي عالي النّبرة تجاه “الحزب” على اعتبار أن “التيار” يريد تحقيق أمرين؛ أولاً إيجاد عمق سياسي آخر يتحالف معه ويعوّض به غياب حليفه الشّيعي، وثانياً أن يظهر لحارة حريك أن ثمة خيارات أخرى يستطيع التوجّه نحوها، الأمر الذي من وجهة نظره قد يدفع “حزب الله” الى تقديم التنازلات حرصاً على الغطاء المسيحي الذي هو بحاجة اليه على الساحة السياسية.
لكن “التيار” تلقّى ضربات قاسية بعد إبداء المعارضة بوضوح عدم رغبتها بإدخال باسيل الى دائرتها من خلال أي تحالف من أي نوع أو شكل كان عليه، وربطت المعارضة رفضها بنوايا رئيس “التيار” التي زعم البعض أنه يدركها، لذلك فإنّ المعارضة صرّحت من خلال اكثر من طرف أساسي فيها بجملة شروط عالية السقف من بينها اعلان “التيار” موقفاً حاسماً من سلاح “حزب الله”، وأن لا ينحصر موقفه بالمعركة العسكرية التي يخوضها الأخير مع العدوّ الاسرائيلي على الجبهة الجنوبية للبنان. وهذا يعني قطع العلاقة بشكل نهائي مع “الحزب” بقرارٍ لا عودة عنه.
اتّجه فريق المعارضة في لبنان الى نقطة أحرج بها “التيار”، إذ أعلن حزب “القوات اللبنانية” عدم رغبته بالتقارب مع باسيل في خطاب يشبه الإذلال السياسي “للتيار” بحال كان جاداً بمسألة التقارب والحوار، وهذا الأمر جعل “التيار” أمام خيارين؛ إمّا إعلان هزيمته والاستسلام الكامل لقوى المعارضة وتقديم كل أوراقه السياسية والاعلامية والشعبية لها حتى تقبل به حليفاً، أو التراجع تكتيكياً والعودة الى حضن “حزب الله” بشكل تدريجي وهذا ما قد يتقبّله “الحزب”.
لكن في ظلّ التوازنات السياسية الراهنة، سيشكّل الخياران خسارات شعبية لـ”التيار” ورئيسه جبران باسيل، خصوصاً أن العودة للتحالف مع “الحزب” سيكون له تداعيات داخل “التيار”، لأن جزءاً كبيراً من قياداته يرفض تجديد التقارب، وبات يُعلن العداء لـ”حزب الله” بشكل واضح، ولهذه القيادات اليوم نفوذ واسع داخل التنظيم وتأثير كبير على القاعدة الحزبية والجماهيرية.