كتب أحمد الايوبي في”نداء الوطن”: تحت عنوان فعالية «منبر القدس» إختارت طهران أن تعيد إحياء شعار «وحدة الساحات» بعدما تعرّضت لتصدّعات بنيوية منذ عملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها حتى اليوم، فتصدّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المناسبة جامعاً حوله الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله وزعيم الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة ورئيس تحالف الفتح هادي العامري والأمين العام لحركة النجباء أكرم الكعبي، بينما كان لافتاً غياب «الجماعة الإسلامية» في لبنان رغم مشاركتها المستمرة في جبهة الجنوب منذ بدء المواجهات.
بدا من خلال فعالية «منبر القدس» أنّ هناك قراراً إيرانياً مباشراً بإنعاش «وحدة الساحات» من خلال مشاركة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي فيها بكلمة خاصة، وشكّل هذا المؤتمر محاولة من طهران لإعادة الثقة أولاً بين فصائلها التي تعرّضت للاهتزاز واضطراب المواقف، بسبب محاولات إيران إمساك العصا من الوسط خلال صياغة التفاهمات مع الإدارة الأميركية، فهي من ناحية تريد إبقاء جبهات المشاغلة، ومن جهة أخرى تريد الحفاظ على التفاهم مع واشنطن على عدم توسيع المواجهات من جهة أخرى، وعلى أثمان حيادها الفعلي في الحرب على غزة من جهة ثالثة… وهذا انعكس تضارباً في التوجيهات، فطهران طلبت من الفصائل العراقية التابعة لها إيقاف القصف على القواعد الأميركية في العراق وسوريا عندما خشيت من ردٍّ حاسم بعد قتل الجنود الأميركيين الثلاثة في الأردن، وهذا ما أظهر عدم التزام كل هذه الفصائل، خاصة بعد الحديث عن تدخل روسي للاستمرار في تسخين الساحات في المنطقة.
ونسب نصرالله إلى إيران وإلى مناسبة «يوم القدس العالمي» التراكمات التي أدّت إلى ضرب إسرائيل في بعدها الاستراتيجي واعتبر «أنّ طوفان الأقصى بنى على كلّ إنجازات المقاومة خلال العقود الماضية وعلى كل الجهود التي قامت بها حركات المقاومة وقادة المقاومة ومحور المقاومة». كما لوحظ أنّه تجنّب الحديث عن الوضع في الأردن رغم صدور تصريحات عن «كتائب حزب الله – العراق» بتسليح 12 ألف مقاتل في الأردن لنصرة غزة، وهذا يشير إلى أنّه يتجنّب زجّ حزبه في التطورات الأردنية رغم «الطحشة» الإيرانية على الأردن.
وعمل نصرالله على استيعاب الموقف السوري وتجاوز الأسئلة الكبيرة التي طُرِحت بعد الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق عن كيفية تسريب المعلومات عن اجتماع كبار القادة الإيرانيين وتوجيه الاتهامات نحو النظام السوري، وأعاد تكرار نظريته بأنّه يكفي لسوريا أن تتلقى الضربات مع المحور ليكون موقفها سليماً.
أمّا الملاحظة اللافتة في هذا السياق فكانت غياب «الجماعة الإسلامية» عن هذه الفعالية بالتوازي مع خطاب أطلقه أمينها العام الشيخ محمد طقوش في إفطارٍ تكريمي للإعلاميين عزّز المسافة الفاصلة عن طروحات «حزب الله» وأعاد «الجماعة» إلى مساحتها التي تجمعها مع القوى السيادية والوسطية، وهذا الموقف سيُبنى عليه في العلاقات السياسية في المرحلة المقبلة، بناءً على تمايز الجماعة في سياستها الداخلية عن «الحزب» مع الاحتفاظ بفكرة الاتصال السياسي وعدم القطيعة معه لتجميد التوتر السني الشيعي.